بنك اليابان يبقي الفائدة عند 0.5% ويبدأ ببيع صناديق المؤشرات والعقارات مع اعتراض عضوين
بنك اليابان يبقي الفائدة عند 0.5% ويبدأ ببيع صناديق المؤشرات والعقارات مع اعتراض عضوين
أعلن بنك اليابان (BOJ) عن قراره الأخير في السياسة النقدية، وهو قرار تابعته الأسواق العالمية عن كثب. فقد أبقى البنك على سعر الفائدة عند 0.5%، ولكنه كشف أيضًا عن خطط لبدء بيع بعض أصوله من صناديق المؤشرات (ETFs) بقيمة تقارب 330 مليار ين سنويًا، وصناديق العقارات (J‑REITs) بحوالي 5 مليارات ين سنويًا. اللافت في القرار أن عضوين من مجلس الإدارة صوتا ضد التثبيت وطالبا برفع الفائدة إلى 0.75%. مباشرة بعد الإعلان، ارتفع الين الياباني مقابل الدولار، فيما شهدت الأسهم اليابانية تذبذبًا واضحًا، مما يعكس القلق من انتقال بنك اليابان نحو سياسة أكثر تشددًا بعد سنوات طويلة من التحفيز.
دوافع القرار
توجد عدة عوامل دفعت البنك إلى اتخاذ هذه الخطوة:
التضخم وقربه من الهدف: وفق تصريحات المحافظ أويدا، التضخم الأساسي (باستثناء أسعار المواد الغذائية الطازجة) يقترب من معدل 2% المستهدف، لكنه لم يثبت بعد بشكل مستدام. هذا يفسر حذر البنك في رفع الفائدة بشكل مباشر.
تطبيع الميزانية العمومية: خلال السنوات الماضية، اشترى بنك اليابان كميات كبيرة من صناديق المؤشرات والصناديق العقارية لدعم الأسواق أثناء أزمة كورونا. بيع هذه الأصول تدريجيًا يعكس تحولًا من سياسة “الطوارئ” إلى سياسة أكثر طبيعية واستدامة.
ضغوط داخلية على مجلس الإدارة: صوت اثنان من أعضاء المجلس لصالح رفع الفائدة، وهو ما يشير إلى وجود اتجاه متزايد نحو التشديد، خاصة إذا استمر التضخم في الاقتراب من المستويات المستهدفة.
المخاطر والتحديات
رغم أهمية خطوة التطبيع، فإنها تحمل عدة مخاطر:
تقلب الأسواق المالية: بيع صناديق المؤشرات والعقارات قد يؤدي إلى تذبذبات في الأسهم، خاصة تلك التي استفادت من مشتريات البنك السابقة.
ارتفاع الين: قوة الين قد تكون سلبية للمصدرين الرئيسيين في اليابان، ما قد يؤثر على أرباح الشركات ويضغط على الناتج المحلي.
خطأ في التوقيت: إذا تحرك البنك بسرعة كبيرة في بيع الأصول أو رفع الفائدة، فقد يخاطر بكبح النمو الاقتصادي، أما التأخير الطويل فقد يؤدي إلى فقدان السيطرة على التضخم.
تداعيات القرار على الأسواق
1. أسواق العملات العالمية
قرار بنك اليابان أعاد تقييم المخاطر المتعلقة بالين، مما أثر على صفقات الاقتراض بالين (carry trades)، حيث أصبحت أقل جاذبية نتيجة توقعات رفع الفائدة المستقبلي.
2. الأسهم اليابانية
الشركات التي استفادت من مشتريات البنك للـ ETFs قد تواجه ضغوطًا على تقييماتها. مؤشرات مثل نيكاي 225 وTOPIX شهدت انخفاضًا فوريًا بعد الإعلان قبل أن تتعافى جزئيًا.
3. السندات الحكومية
ارتفعت عوائد السندات اليابانية قصيرة ومتوسطة الأجل، إذ بدأ المستثمرون يضعون في الاعتبار احتمال زيادة أسعار الفائدة في المستقبل.
رد فعل الأسواق
ارتفع الين بنحو 0.4–0.5% مقابل الدولار بعد الإعلان.
تراجع مؤشر نيكاي 225 بنسبة وصلت إلى 1.8% خلال اليوم، قبل أن يقلص جزءًا من خسائره.
ارتفاع ملحوظ في عوائد السندات الحكومية لأجل عامين وخمسة أعوام.
زيادة احتمالات رفع الفائدة في الاجتماع المقبل المقرر في 30 أكتوبر.
ما الذي يجب متابعته عن كثب؟
مؤتمر المحافظ أويدا: تفاصيل خطة البيع التدريجي لصناديق المؤشرات والعقارات ستوضح مدى جدية البنك في التطبيع.
اجتماع أكتوبر: احتمالية رفع الفائدة أو الاستمرار في سياسة التثبيت مع بيع الأصول تدريجيًا.
وتيرة بيع الأصول: رغم تحديد أهداف سنوية، يبقى السؤال حول سرعة التنفيذ دون زعزعة الأسواق.
تطورات التضخم والأجور والصادرات: ستؤثر بشكل مباشر على قرارات البنك المستقبلية.
خلاصة
يمثل قرار بنك اليابان خطوة محورية نحو التطبيع التدريجي للسياسة النقدية بعد سنوات من الدعم الاستثنائي. الأسواق المالية اليابانية والعملاء المؤسساتيون بحاجة الآن للتكيف مع واقع جديد، حيث لم يعد الدعم المباشر من البنك موجودًا بنفس القوة، ويجب مراقبة تأثير بيع الأصول على الأسهم والسندات.
على المدى الطويل، تشير هذه الخطوة إلى أن بنك اليابان يضع الأساس لعصر أكثر طبيعية في السياسة النقدية، حيث تصبح إدارة التضخم واستقرار العملة محور اهتمامه، بدلًا من التحفيز الكمي المستمر. الأشهر القادمة، وخاصة اجتماع أكتوبر، ستكون حاسمة في تحديد سرعة هذا التحول، وما إذا كانت الأسواق والشركات اليابانية قادرة على التكيف بسلاسة مع هذا الواقع الجديد.