الركود الاقتصادي في المملكة المتحدة يعيد المطالبة بإصلاحات على جانب العرض

ومضة الاقتصادي

الركود الاقتصادي في المملكة المتحدة يعيد المطالبة بإصلاحات على جانب العرض

على مدى أكثر من عقد، عانى الاقتصاد البريطاني من صعوبة استعادة الزخم الذي كان يتمتع به قبل الأزمة المالية العالمية. ورغم فترات الصمود والانتعاشات التي أعقبت الجائحة، ظلّت مشكلة أعمق قائمة تحت السطح: ضعف الإنتاجية المزمن. فمع متوسط نمو إنتاجية لا يتجاوز 0.6 في المئة سنويًا منذ عام 2007، تراجعت بريطانيا مقارنة بالعديد من نظرائها، ما أعاد إشعال الدعوات إلى إصلاحات واسعة على جانب العرض.

ولا تقتصر هذه المسألة على الجدل الأكاديمي. فالإنتاجية تحدد مدى قدرة الأجور على الارتفاع من دون إشعال التضخم، ومدى تنافسية الشركات، وحجم الحيز المالي المتاح للحكومات لتمويل الخدمات العامة. وعندما تتعثر الإنتاجية، تتوقف مستويات المعيشة عن التحسن وهو واقع بات ملموسًا بشكل متزايد في أنحاء المملكة المتحدة.

جذور مشكلة الإنتاجية

يتفق الاقتصاديون عمومًا على أن ضعف الإنتاجية في المملكة المتحدة لا يعود إلى عامل واحد، بل إلى شبكة من القيود الهيكلية التي تراكمت مع مرور الوقت.

أحد أبرز الاختناقات يتمثل في الأراضي والإسكان. فقد حدّت قواعد التخطيط الصارمة من التطوير السكني والتجاري، ما رفع التكاليف وقلّص مرونة تنقل العمالة. وأصبح من الصعب على العاملين الانتقال إلى المناطق الأعلى إنتاجية، في حين تواجه الشركات إيجارات مرتفعة ومساحات محدودة للتوسع.

وتشكل مشاركة القوى العاملة نقطة ضغط أخرى. فعلى الرغم من تعافي مستويات التوظيف بعد الجائحة، تراجعت مشاركة كبار السن في سوق العمل، واستمرت فجوات المهارات. وأسهمت النقص في العمالة في قطاعات رئيسية من الرعاية الصحية إلى البناء في الضغط على الإنتاج ورفع التكاليف.

كما تمثل الطاقة قيدًا إضافيًا. فقد أثّرت أسعار الطاقة المرتفعة والمتقلبة على المصنّعين في المملكة المتحدة بشكل أشد مقارنة ببعض المنافسين الأوروبيين، ما أضعف الاستثمار والتخطيط طويل الأجل. وفاقمت اختناقات البنية التحتية للطاقة وعدم وضوح السياسات من حدة المشكلة.

أما الوصول إلى الائتمان، ولا سيما بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة، فلا يزال غير متكافئ. ففي حين تستطيع الشركات الكبرى اللجوء إلى أسواق رأس المال، تواجه الشركات الأصغر تكاليف اقتراض أعلى وشروط إقراض أكثر تشددًا، ما يحد من قدرتها على الاستثمار في التقنيات المعززة للإنتاجية.

عامل بريكست

أضاف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي طبقة أخرى من التعقيد. فقد أدت الحواجز التجارية الجديدة، والاحتكاكات الجمركية، والتباعد التنظيمي إلى زيادة التكاليف على المصدرين وتعطيل سلاسل الإمداد. وفي الوقت نفسه، أسهم تراجع الوصول إلى العمالة الأوروبية في تفاقم نقص القوى العاملة في القطاعات التي تعتمد على العمال الأجانب.

ويجادل مؤيدو بريكست بأن التحرر التنظيمي قد يعزز التنافسية في نهاية المطاف. في المقابل، يرى المنتقدون أن هذه المكاسب لم تتحقق بعد، في حين أصبحت التكاليف واضحة في ضعف أحجام التجارة وتدفقات الاستثمار.

وفي كل الأحوال، جعل بريكست تحديات جانب العرض أكثر إلحاحًا من خلال تضييق هامش الخطأ في السياسة الاقتصادية.

تم نسخ الرابط