صندوق النقد الدولي يحثّ الصين على معالجة الاختلالات الاقتصادية مع تجاوز فائضها التجاري تريليون دولار
صندوق النقد الدولي يحثّ الصين على معالجة الاختلالات الاقتصادية مع تجاوز فائضها التجاري تريليون دولار
في تقرير جديد يعكس قلقًا دوليًا متزايدًا، دعا صندوق النقد الدولي الصين إلى اتخاذ خطوات جدية لمعالجة ما وصفه بـ “الاختلالات الاقتصادية الهيكلية”، بعد أن تجاوز فائضها التجاري حاجز تريليون دولار في عام 2025 وهو مستوى غير مسبوق منذ سنوات. ويشير الصندوق إلى أن استمرار اعتماد الاقتصاد الصيني بشكل مفرط على التصدير، مقابل ضعف الاستهلاك المحلي، أصبح يمثل تحديًا ليس لبكين فقط، بل للاقتصاد العالمي بأكمله.
فبينما تواصل الصين تحقيق أداء قوي في صادرات التكنولوجيا والسلع الصناعية، فإن الطلب الداخلي لا يزال متواضعًا بفعل الضغوط المعيشية وتباطؤ قطاع العقارات وهو قطاع يمثل نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي ويؤثر بشكل مباشر على إنفاق الأسر وثقة المستهلكين.
لماذا يطالب صندوق النقد الصين بتغيير نموذج النمو؟
على مدار عقود، اعتمد النمو الصيني على التصنيع والتصدير باعتبارهما المحركين الأساسيين للاقتصاد. وقد شكّل هذا النموذج أساس المعجزة الاقتصادية التي رفعت مئات الملايين من الفقر ووسّعت النفوذ الاقتصادي العالمي للصين. لكن مع تغير الظروف الدولية وتباطؤ الاقتصاد العالمي، بات هذا النموذج غير مستدام بالشكل نفسه.
يشير صندوق النقد إلى ثلاثة عوامل رئيسية تدفع نحو التحول:
1. ضعف الاستهلاك المحلي
رغم ارتفاع مستويات الدخل، لا يزال الاستهلاك الصيني كنسبة من الناتج أقل بكثير من المتوسط العالمي. ويعود ذلك إلى ارتفاع معدلات الادخار، مخاوف الأسر من المستقبل، وغياب شبكات دعم اجتماعي كافية تشجع الإنفاق.
2. أزمة العقارات
قطاع العقارات الذي كان لسنوات طويلة قاطرة النمو يشهد تراجعًا حادًا في الاستثمارات والمبيعات، ما يؤثر على ثقة المستهلكين ويضغط على قطاعات مرتبطة مثل الإنشاءات والمواد الخام.
3. المخاطر الجيوسياسية وتباطؤ الطلب الخارجي
مع تصاعد التوترات التجارية، وازدياد القيود على الصادرات الصينية في الأسواق الغربية، أصبح الاعتماد المفرط على التصدير أكثر مخاطرة.
من هنا، يرى الصندوق أن تعزيز الاستهلاك المحلي أصبح ضرورة ملحة لضمان نمو متوازن ومستدام.
ما المخاطر إذا لم تتحرك الصين؟
استمرار الاختلالات الحالية قد يخلّف آثارًا عالمية تتجاوز حدود الصين.
1. تفاقم التوترات التجارية
فائض تجاري ضخم يتجاوز تريليون دولار يُعدّ نقطة حساسة، وقد يدفع شركاء الصين التجاريين نحو فرض قيود إضافية على الواردات الصينية، كما حدث في قطاعات التكنولوجيا والطاقة الشمسية.
2. اضطراب سلاسل الإمداد العالمية
أي تغييرات مفاجئة في السياسات أو النشاط الصناعي الصيني قد تمتد آثارها إلى الأسواق العالمية؛ نظرًا لكون الصين محورًا أساسيًا لسلاسل التوريد العالمية.
3. ضغوط على الاقتصادات المجاورة
الدول الآسيوية المصدّرة قد تتأثر بتقلبات الطلب الصيني، بينما قد تعاني الاقتصادات الناشئة من المنافسة السعرية إذا استمرت الصين في دفع الإنتاج الصناعي إلى الخارج.