خمسة اتجاهات في الذكاء الاصطناعي تُحوّل القطاع المالي حالياً: من نماذج التفكير إلى أدوات اللابرمجة
خمسة اتجاهات في الذكاء الاصطناعي تُحوّل القطاع المالي حالياً: من نماذج التفكير إلى أدوات اللابرمجة
المقدمة
لم يعد الذكاء الاصطناعي موضوعًا مستقبليًا فهو يغيّر القطاع المالي اليوم وبسرعة كبيرة. كما تقول إيلينا ألفارو، رئيسة قسم تبني الذكاء الاصطناعي في بنك BBVA: "الذكاء الاصطناعي يتغير باستمرار، ويؤثر في قطاعات مختلفة؛ ومن يشعر بأن التغيير سريع جدًا فهو على حق إنه ثورة حقيقية." هذه ليست مبالغة، فعدد مستخدمي الذكاء الاصطناعي التوليدي يتزايد بشكل هائل، والاستثمار في هذا المجال يرتفع بسرعة، بينما تتغير أدوار الوظائف في القطاع المالي بالفعل، من النمذجة والتحليل إلى خدمة العملاء والامتثال.
البيانات والتحولات الرئيسية
يوجد مئات الملايين من مستخدمي الذكاء الاصطناعي التوليدي عالميًا، مع نمو ملحوظ في الاستخدام النشط.
شركات التكنولوجيا الكبرى تضخ استثمارات كبيرة في تطوير نماذج وأدوات أكثر قوة، مع ارتفاع نفقات رأس المال بشكل مضاعف.
سوق العمل يشهد تحولًا واضحًا، مع نمو سريع للوظائف المتعلقة بالبيانات والتعلم الآلي وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، بينما تتعرض بعض الوظائف اليدوية أو الروتينية لضغوط أو تحولات.
الاتجاه الأول: توسع قدرات التفكير في نماذج اللغة
كانت النماذج القديمة تعتمد على الاستجابة البسيطة: إدخال سؤال والحصول على نص. أما النماذج الحديثة فهي تفكر؛ يمكنها اتباع "سلسلة منطقية"، التشكيك في المعلومات، تقييم السيناريوهات أو التصحيح الذاتي.
مثال: الفرق بين نماذج GPT‑5 أو Gemini 2.5 Pro أو النسخ الأخيرة من Claude مقابل النماذج القديمة.
التأثيرات: يمكن لأعمال مالية معقدة مثل تحليل المخاطر، الامتثال، تحليل العقود أو تقديم المشورة أن تصبح أكثر قابلية للأتمتة، مع تحسين الدقة، مع الانتباه لاحتمالية الأخطاء إذا كانت البيانات ضعيفة.
الاتجاه الثاني: التعددية النمطية (Multimodality)
لم يعد الذكاء الاصطناعي يقتصر على النصوص؛ النماذج الحديثة قادرة على التعامل مع الصور، الصوت، الفيديو والموسيقى.
الأثر على المالية: تفاعلات العملاء تصبح أغنى، أدوات التسويق وخدمة العملاء أفضل، وتحليل البيانات من مصادر متنوعة يصبح أكثر فعالية، مثل استخدام الصور الفضائية أو المستندات المصورة.
الاتجاه الثالث: الانتقال من المساعدين إلى الوكلاء
تتجاوز الأدوات التفاعلية التقليدية لتصبح وكلاء ذكيين قادرين على تنفيذ مهام متعددة بشكل مستقل.
مثال: مفهوم "رئيس موظفي الذكاء الاصطناعي" الذي ينظم عمل أدوات ونماذج أخرى، وينسق العمليات مع الحد الأدنى من الإشراف البشري.
الاتجاه الرابع: دمج البيانات والأدوات
الشركات المالية بدأت بدمج الذكاء الاصطناعي داخل أنظمتها الداخلية: قواعد العملاء، مستندات الامتثال، التطبيقات الداخلية.
التحديات: الأمن، الامتثال، الحوكمة فهي عوامل أساسية لا يمكن تجاهلها. حماية البيانات ومراجعة النماذج وضمان العدالة والوصول المصرح به كلها ضرورية.
الاتجاه الخامس: نمو أدوات اللا-برمجة (No-Code)
أصبح بإمكان المستخدمين غير التقنيين بناء سير عمل أو أتمتة مهام بدون كتابة كود.
التأثير على المؤسسات المالية: تسريع الابتكار، القدرة على التجربة الداخلية، إشراك فرق أصغر، لكن هناك مخاطر مثل انتشار أدوات غير مصرح بها أو ضعف الحوكمة.
أمثلة على استخدام الذكاء الاصطناعي في BBVA
مشاريع في المخاطر والعمليات تستخدم نماذج التفكير لتحسين التقييم والتحليل.
تطبيق “Futura” يتكيف مع أنماط المستخدم لتقديم نصائح مالية مخصصة.
شات بوت “Blue” يجيب على استفسارات العملاء مع فهم سياق الطلب.
برامج داخلية تمنح الموظفين “مساعديهم الخاصين” باستخدام أدوات اللا-برمجة لأتمتة مهامهم.
النتائج: احتفاظ مرتفع بالمستخدمين، عدد كبير من التطبيقات الداخلية، وتحديد العديد من حالات الاستخدام عالية القيمة.
التأثيرات البشرية والتنظيمية
تتغير أدوار البشر من منفذين إلى منسقين يحددون ما يجب أن يقوم به الذكاء الاصطناعي وما يترك للبشر.
الحاجة إلى التدريب المستمر وتطوير المهارات واضحة، كما أن الثقافة وقبول التقنية عاملان أساسيان.
التحديات والمخاطر
الدقة والتحقق: نماذج التفكير قد تنتج معلومات خاطئة.
خصوصية البيانات والأمان عند دمج معلومات حساسة.
الامتثال والتنظيم وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
الإفراط في التوقعات مقابل العائد الواقعي على الاستثمار؛ ليست كل الاستثمارات ستثمر سريعًا.
الخاتمة وما يجب مراقبته
هذه الاتجاهات الخمسة تدفع القطاع المالي نحو أدوات أكثر استقلالية وتكاملاً وتعددية ووصولاً.
المؤشرات للمتابعة:
أداء نماذج الذكاء الاصطناعي في المهام الواقعية تحت الرقابة التنظيمية.
نضج وسلامة النماذج متعددة الوسائط.
معدل اعتماد أدوات اللا-برمجة في الشركات المالية.
توازن الدمج الداخلي بين الابتكار والمخاطر.
الخلاصة النهائية: من الأفضل الانخراط مع هذه الأدوات الآن بدل التأخر عن الركب، لكن يجب أن يتم ذلك بحكمة ومسؤولية لضمان النتائج المرجوة.