تكاليف الرسوم الجمركية للشركات العالمية تتجاوز 35 مليار دولار: التحسن مستمر لكن المخاطر باقية

ومضة الاقتصادي

تكاليف الرسوم الجمركية للشركات العالمية تتجاوز 35 مليار دولار – التحسن مستمر لكن المخاطر باقية

تشير أحدث البيانات الصادرة في أكتوبر 2025 إلى أن الشركات العالمية دفعت أكثر من 35 مليار دولار أميركي كرسوم جمركية إضافية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، رغم التراجع النسبي في حدة التوترات التجارية مقارنة بالسنوات السابقة.
لكن وفقًا لتقارير صادرة عن مؤسسات دولية، فإن التحسن في حركة التجارة لا يعني زوال المخاطر، بل إن التغيرات الجيوسياسية وسلاسل الإمداد المعاد تشكيلها تفرض واقعًا جديدًا قد يبقي تكاليف التجارة مرتفعة على المدى المتوسط.

الرسوم الجمركية: من حرب تجارية إلى "نظام جديد"

منذ اندلاع النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في أواخر العقد الماضي، أصبحت الرسوم الجمركية جزءًا ثابتًا من البيئة الاقتصادية العالمية. ورغم أن بعض الرسوم تم تخفيفها أو إعادة التفاوض بشأنها، فإن العديد من الرسوم بقيت، بل وتوسعت لتشمل قطاعات جديدة، مثل الإلكترونيات المتقدمة والبطاريات والرقائق.

ووفقًا لبيانات منظمة التجارة العالمية (WTO)، فإن نحو 28% من السلع المتبادلة بين الاقتصادات الكبرى تخضع حاليًا لرسوم إضافية مقارنة بما كانت عليه قبل 2018. وهذا يعكس أن التوتر التجاري لم يعد مجرد نزاع مؤقت، بل تحول إلى إطار تنافسي دائم تديره الدول عبر سياسات الحماية الصناعية وسلاسل الإمداد البديلة.

تأثير مباشر على الشركات

الشركات متعددة الجنسيات تتحمل العبء الأكبر لهذه التحولات. فالتكاليف الجمركية المرتفعة تُترجم إلى انخفاض في هوامش الربح، خصوصًا في الصناعات كثيفة الاستيراد مثل التكنولوجيا، السيارات، والمعدات الصناعية.

في تقرير صادر عن شركة استشارية عالمية، أُشير إلى أن الشركات الأميركية وحدها دفعت أكثر من 15 مليار دولار كرسوم جمركية على الواردات من الصين هذا العام، بينما بلغت الفاتورة على الشركات الأوروبية نحو 9 مليارات دولار، وعلى الشركات الآسيوية حوالي 11 مليار دولار.

ورغم محاولات إعادة توطين الإنتاج أو تنويع الموردين، فإن الواقع أظهر أن عملية فك الارتباط الكامل مع الصين مكلفة ومعقدة، خاصة في الصناعات التي تتطلب سلاسل توريد طويلة ومعايير جودة عالية.

تحولات في سلاسل الإمداد

أدى الضغط الجمركي والسياسي إلى تسريع ما يُعرف بـ "إعادة توزيع سلاسل الإمداد" (Supply Chain Reconfiguration). حيث بدأت الشركات تنقل جزءًا من عملياتها إلى دول مثل فيتنام، الهند، المكسيك، وإندونيسيا لتقليل اعتمادها على الصين.

إلا أن هذا التحول لم يأتِ بلا ثمن. فبينما تنخفض الرسوم المباشرة في بعض الحالات، ترتفع تكاليف النقل، والخدمات اللوجستية، والتنسيق عبر الحدود، مما يجعل الوفر الكلي محدودًا.

كما أن العديد من هذه الأسواق الجديدة لا تزال تفتقر إلى البنية التحتية المتطورة أو سلاسل التوريد الموثوقة التي اعتادت عليها الشركات في الصين، ما يجعلها تواجه تحديات تشغيلية تعادل أحيانًا الكلفة الجمركية ذاتها.

تم نسخ الرابط