تكاليف الرسوم الجمركية للشركات العالمية تتجاوز 35 مليار دولار: التحسن مستمر لكن المخاطر باقية
تحسن في حركة التجارة العالمية… ولكن بحذر
على الرغم من استمرار التكاليف الجمركية، تشير بيانات منظمة التجارة العالمية إلى أن حجم التجارة العالمية ارتفع بنسبة 3.1% خلال الربع الثالث من 2025، وهو أفضل أداء منذ عامين تقريبًا.
ويُعزى هذا التحسن إلى استقرار سلاسل الشحن البحري بعد انتهاء أزمة النقل العالمية، وانخفاض أسعار الوقود والنقل، إضافة إلى عودة الطلب التدريجية في الأسواق الأميركية والأوروبية.
لكن الصندوق حذّر من أن هذا التحسن قد يكون هشًا ومؤقتًا، لأن عوامل المخاطر لم تختفِ بعد خاصةً في ظل تصاعد الحروب التجارية التقنية، والقيود المفروضة على صادرات الرقائق، والمخاوف من العقوبات المتبادلة.
الشركات بين التكيّف والاستراتيجية
للشركات الصناعية
يبدو أن الحل الوحيد المستدام هو إعادة تصميم استراتيجيات التوريد على نحو أكثر مرونة، بحيث يتم توزيع الإنتاج بين عدة دول بدل الاعتماد على مركز واحد. كما أن الاستثمار في الأتمتة والمراقبة الرقمية لسلاسل الإمداد أصبح من الأدوات الأساسية لتقليل التكاليف غير المتوقعة وتحسين الشفافية التشغيلية.
للشركات التكنولوجية
هذه الفئة هي الأكثر عرضة للتقلبات الجمركية والسياسية. فالرسوم على المكونات الحساسة مثل الرقائق والبطاريات والأنظمة البصرية يمكن أن تُحدث تقلبات كبيرة في هوامش الربح.
ولذلك بدأت بعض الشركات بتطوير تصاميم معيارية للأجهزة تتيح تعديل خطوط الإنتاج بسرعة بحسب الدولة أو المصدر، مما يقلل من التعرض للرسوم والتأخيرات الجمركية.
للمستثمرين ومديري المنتجات
يتعين عليهم الآن النظر إلى التجارة كساحة استراتيجية لا مجرد متغير اقتصادي. فالشركات القادرة على التكيف مع هذا النظام الجديد ستصبح أكثر جاذبية على المدى الطويل، خصوصًا تلك التي تطبق إدارة توريد ذكية وتكاملًا رقمياً.
الاتجاهات التي يجب مراقبتها
مفاوضات التجارة الأميركية – الآسيوية: أي تقارب جديد أو اتفاقات جزئية قد يخفف الضغط على الرسوم.
التحالفات الصناعية الجديدة: خصوصًا في مجال الطاقة النظيفة والرقائق المتقدمة، حيث تتغير خارطة التوريد بسرعة.
تطورات الأسعار العالمية للسلع والنقل: فهي ستحدد ما إذا كان التحسن في التجارة سيستمر أم يتراجع.
سياسات الاتحاد الأوروبي التجارية: خصوصًا تلك المتعلقة بآلية تسعير الكربون والرسوم على الواردات ذات البصمة البيئية العالية.
الخلاصة
تتجه التجارة العالمية نحو مرحلة توازن جديدة: ليست حربًا تجارية شاملة كما في الماضي، لكنها أيضًا ليست عودة إلى الانفتاح الكامل. فالتكاليف الجمركية ستظل جزءًا من المعادلة، وإن كانت أقل حدة.
وبينما تتعلم الشركات التكيف مع هذا “النظام شبه الحمائي”، فإن التميز في إدارة التوريد والتقنيات الرقمية سيحدد الفائزين من الخاسرين.
في النهاية، يمكن القول إن الرسوم الجمركية لم تعد مجرد عبء مؤقت، بل أصبحت عنصرًا استراتيجيًا في التخطيط الصناعي العالمي. من يديرها بذكاء ينجو… ومن يتجاهلها يدفع الثمن مضاعفًا.