صندوق النقد الدولي يحذر من تداعيات عالمية مع تفاقم تباطؤ الاقتصاد الصيني
صندوق النقد الدولي يحذر من تداعيات عالمية مع تفاقم تباطؤ الاقتصاد الصيني
أطلق صندوق النقد الدولي (IMF) تحذيرًا جديدًا بشأن الاقتصاد العالمي، مؤكدًا أن تباطؤ نمو الصين بات يشكل خطرًا متزايدًا على استقرار الأسواق الدولية وسلاسل التوريد العالمية. وجاء التحذير ضمن تقرير، حيث خفّض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني لعام 2025 إلى 4.2% بدلًا من 4.8%، في خطوة تعكس حجم الضغوط التي يواجهها ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
التقرير، الذي يتابعه المستثمرون وصنّاع القرار عن كثب، أشار إلى أن التباطؤ في الصين لا يقتصر على مشاكل داخلية، بل يمتد أثره إلى الاقتصادات الناشئة والمتقدمة على حد سواء، عبر قنوات التجارة العالمية وأسواق السلع الأساسية. كما خفّض الصندوق توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 2.6% لعام 2025، مؤكدًا أن “العالم يواجه مرحلة دقيقة من إعادة التوازن الاقتصادي وسط ارتفاع مستويات الدين وتراجع الإنتاجية.”
عوامل التباطؤ: العقارات والتصدير في قلب الأزمة
بحسب التقرير، فإن ضعف الاستثمار في قطاع العقارات كان العامل الأبرز وراء تراجع النمو في الصين، إذ لا تزال أزمة الديون التي تعاني منها شركات التطوير العقاري الكبرى تلقي بظلالها على القطاع المالي والمستهلكين على حد سواء. كما أدى تباطؤ الطلب العالمي إلى انخفاض الصادرات الصينية، وهو ما زاد من حدة الضغوط على الاقتصاد المحلي.
ويقول محللون إن الصين تجد نفسها في مفترق طرق اقتصادي صعب، إذ لم تعد نماذج النمو القديمة المعتمدة على الاستثمار العقاري والصناعات الثقيلة قادرة على تحقيق نفس الزخم السابق. في المقابل، فإن التحول نحو الابتكار والتكنولوجيا والخدمات يحتاج إلى وقت واستثمارات ضخمة لتوليد نفس مستويات النمو السابقة.
وتواجه الحكومة الصينية معضلة حقيقية بين دعم الأسواق عبر الحوافز المالية وتجنب تراكم الديون، خصوصًا مع تباطؤ الطلب المحلي وتراجع الثقة في القطاع الخاص. وقد انعكس ذلك على سوق العمل، حيث ارتفعت معدلات البطالة بين الشباب، ما يزيد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
تأثيرات عالمية متوقعة: من التجارة إلى السلع الأساسية
حذّر صندوق النقد الدولي من أن استمرار تباطؤ الاقتصاد الصيني سيُحدث موجات صدمة تمتد إلى خارج حدوده، خاصة في الاقتصادات المرتبطة تجاريًا بالصين مثل دول جنوب شرق آسيا وأستراليا وأفريقيا. فالصين تعد أكبر مستورد للسلع الأساسية مثل النفط والمعادن، وأي انخفاض في نشاطها الصناعي ينعكس فورًا على أسعار الطاقة والمواد الخام.
كما يمكن أن يؤدي هذا التباطؤ إلى إعادة تشكيل خريطة التجارة العالمية، حيث تسعى الشركات المتعددة الجنسيات إلى تقليل اعتمادها على سلاسل الإمداد الصينية عبر نقل عملياتها إلى دول بديلة مثل فيتنام والهند والمكسيك. هذه التحولات قد تستمر لسنوات، مما يعيد رسم موازين القوى الاقتصادية في آسيا والعالم.