صندوق النقد الدولي يحذر من ضعف الصين والمخاطر العالمية في أحدث توقعاته
صندوق النقد الدولي يحذر من ضعف الصين والمخاطر العالمية في أحدث توقعاته
أصدر صندوق النقد الدولي (IMF) في أكتوبر 2025 تقريره نصف السنوي حول آفاق الاقتصاد العالمي، وجاءت نبرته أكثر حذرًا من أي وقت مضى. فبينما يشير التقرير إلى استمرار النمو في بعض الاقتصادات المتقدمة، فإنه يسلّط الضوء على تراجع زخم الاقتصاد الصيني وارتفاع المخاطر النظامية العالمية، وهو ما قد يعيد رسم خريطة التوازنات الاقتصادية في العام المقبل.
الصين في قلب القلق العالمي
بحسب التقرير، تواجه الصين تباطؤًا واضحًا في قطاعات رئيسية مثل العقارات والتصنيع الموجّه للتصدير، وهما ركيزتان تاريخيتان للنمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ويشير الصندوق إلى أن الاستثمار في القطاع العقاري لا يزال في حالة انكماش، بينما تعاني الصادرات من ضغوط الطلب الخارجي وضعف الثقة في سلاسل التوريد العالمية.
كما حذّر التقرير من أن الدعم الحكومي الواسع للقطاع الصناعي بدأ يفقد فعاليته. فبرامج التحفيز والإعانات التي عززت الإنتاج خلال السنوات الماضية أصبحت تحقق عائدات أقل، مما يعكس ما سماه الصندوق “تراجع الكفاءة في تخصيص الموارد”.
ويرى المحللون أن هذه المؤشرات ليست مجرد ظواهر مؤقتة، بل تعكس تحولًا هيكليًا طويل الأمد في الاقتصاد الصيني الذي يحاول الانتقال من نموذج النمو القائم على الصادرات والعقار إلى نموذج أكثر استدامة يعتمد على الاستهلاك المحلي والابتكار.
المخاطر تتجاوز حدود الصين
لكن المخاوف لا تقتصر على بكين وحدها. فصندوق النقد حذّر من أن أي تباطؤ حاد في الصين سيؤثر سلبًا على النمو العالمي، نظرًا لدورها المحوري في سلاسل التوريد وفي الطلب على السلع الأولية.
ويشير التقرير إلى احتمال حدوث “إعادة تسعير كبيرة في الأسواق المالية” إذا استمر هذا الضعف، مما قد يؤدي إلى انخفاض الثروة العالمية وتراجع الإنفاق الاستهلاكي. وفي بيئة اقتصادية تشهد بالفعل تباطؤًا في الإنتاجية وتشيخًا في القوى العاملة، فإن أي صدمة إضافية من الصين قد تزعزع استقرار الأسواق بشكل أوسع.
كما أشار الصندوق إلى أن العديد من الحكومات والبنوك المركزية تفتقر إلى الأدوات اللازمة للتدخل الفعّال، إذ ما زالت السياسات النقدية مقيدة بسبب مستويات الدين المرتفعة، في حين أن الحيز المالي ضيّق في كثير من الاقتصادات.
محركات الاتجاه الجديد
يرى التقرير أن التحولات الاقتصادية الراهنة مدفوعة بثلاثة اتجاهات رئيسية:
تباطؤ الانتعاش الصيني: ما زال الاقتصاد يفتقر إلى محفزات الطلب المحلي، فيما تتقلص أرباح التصدير.
تباطؤ النمو العالمي الهيكلي: الشيخوخة السكانية وتراجع الإنتاجية يحدّان من التوسع الاقتصادي في الدول المتقدمة والناشئة.
تصاعد الضبابية السياسية: من التوترات التجارية إلى النزاعات الإقليمية وقضايا المناخ، كلها تزيد حالة التردد لدى المستثمرين وصنّاع القرار.