الذهب يقود المكاسب وارتفاع أسعار السلع في أغسطس: بنك ويستباك يرى مزيداً من الصعود رغم المخاطر العالمية
الذهب يقود المكاسب وارتفاع أسعار السلع في أغسطس: بنك ويستباك يرى مزيداً من الصعود رغم المخاطر العالمية
المقدمة: الصورة الكبرى
جاء شهر أغسطس بأخبار أكثر إشراقاً لقطاع السلع الأسترالي. فقد أشار بنك ويستباك إلى أن مؤشر أسعار الصادرات السلعية ارتفع بنحو 3% مقارنة بالتقرير السابق. وجاء هذا الارتفاع مدفوعاً على نحو كبير بالأداء اللافت للذهب، الذي قفز بنحو 7.5% مدفوعاً بزخم قوي. وفي خلفية هذا المشهد، تتداخل ضغوط التضخم العالمي، ومخاطر الرسوم الجمركية، والقيود على العرض، ما يعيد تشكيل توقعات المصدّرين والمستهلكين والمستثمرين على حد سواء.
خلفية الاقتصاد والسلع في أستراليا
تمت مراجعة التوقعات الاقتصادية لأستراليا نحو الأعلى. فقد رفع بنك ويستباك توقعاته للنمو الاقتصادي لعامي 2025 و2026 بمقدار 0.2 نقطة مئوية لكل منهما، لتصبح 1.9% في 2025 و2.4% في 2026. أما الأرقام الفصلية الأخيرة فقد أظهرت نمواً قدره 0.6% في الربع المنتهي بشهر يونيو، مع نمو سنوي قدره 1.8%. أما سوق العمل فيشهد تباطؤاً تدريجياً ولكن غير حاد، بينما يبقى الإنفاق الاستهلاكي متماسكاً نسبياً، في حين يتخلف الاستثمار عن اللحاق بوتيرة التعافي.
اتجاهات أسعار السلع
جاءت المكاسب في أغسطس شاملة، لكن الذهب استحوذ على الأضواء. وبحسب ويستباك، ساهمت العديد من السلع في ارتفاع المؤشر بنسبة 3%، غير أن الذهب ارتفع وحده بنحو 7.5% ليكون المحرك الأكبر. كما دعمت خامات أخرى مثل خام الحديد والفحم المعدني والفحم الحراري الاتجاه الصعودي، وإن لم يكن بشكل متوازن؛ إذ لا تزال بعض القطاعات المعدنية تحت ضغط أو تشهد أداءً متذبذباً. أما النفط والغاز الطبيعي المسال فقد شهدا بعض التراجع، فيما تواصل بعض المعادن مواجهة ضغوط بسبب ضعف الطلب العالمي وعدم اليقين المرتبط بالتعرفة الجمركية.
التضخم والرسوم الجمركية: العوامل السياسية
أصبحت الرسوم الجمركية عاملاً أكثر وضوحاً في مشهد التكاليف. فارتفاع التعرفة الفعالة في الولايات المتحدة، إضافة إلى الاضطرابات في سلاسل الإمداد، وصدمات السياسات التجارية، كلها تدفع تكاليف السلع ومدخلات الإنتاج إلى الأعلى، مع انتقال هذه التكاليف تدريجياً إلى الأسعار العامة، مما يزيد من مخاطر التضخم.
صحيح أن التضخم لم يشهد بعد قفزة كبيرة، لكن المؤشرات على تصاعد الضغوط موجودة: تكاليف الطاقة والشحن والمواد الخام تتعرض لضغط، ما ينعكس بدوره على أسعار المستهلك.
انعكاسات السياسة النقدية
يتوقع ويستباك أن تتصرف البنوك المركزية بحذر. ففي الولايات المتحدة، من المرجح أن تظل خفض أسعار الفائدة محدوداً حتى يظهر دليل أوضح على تراجع التضخم. أما في أوروبا واقتصادات متقدمة أخرى، فإن الموقف لا يزال يتسم بالانتظار والترقب، مع ميول إلى تخفيف تدريجي لا سريع. وفي أستراليا، ورغم رفع توقعات النمو واستفادة الاقتصاد من قطاع السلع، تبقى الصورة مختلطة؛ إذ تعني ضغوط التضخم (ومنها تكاليف الإنتاج والرسوم) أن السياسة النقدية لا تستطيع التهاون.
آفاق السلع الرئيسية والمخاطر
الذهب يبدو في وضع قوي، وزخمه يشير إلى إمكانية بلوغه مستويات قياسية جديدة قريباً. ويُعزى ذلك جزئياً إلى تدفقات المستثمرين، وضعف العوائد الحقيقية، وتوقعات السياسة النقدية التي تزيد من جاذبية الأصول غير المدرة للفائدة.
أما الصادرات الأخرى مثل خام الحديد والفحم فتعكس صورة أكثر تبايناً. فهي تعتمد بشكل كبير على الطلب من الصين، إضافة إلى السياسات البيئية والتنظيمية، والعوائق في سلاسل الإمداد. بينما تواجه بعض المعادن رياحاً معاكسة نتيجة التعرفة أو تباطؤ الطلب.
المخاطر تشمل: ضعف الطلب العالمي (خصوصاً إذا تباطأت الصين)، صدمات جديدة في الرسوم والسياسات التجارية، اختناقات في سلاسل التوريد، التحولات التنظيمية البيئية (خاصة فيما يخص الفحم أو انبعاثات الكربون)، إلى جانب تقلبات العملات والجغرافيا السياسية.
الانعكاسات على أستراليا والمصدّرين
بالنسبة للمصدرين، فإن ارتفاع أسعار السلع يمثل فرصة واضحة لزيادة الإيرادات، لكنه يأتي مصحوباً بمخاطر تقلبات كبيرة. فقد تتوسع الهوامش للشركات المرتبطة بالذهب والحديد والفحم وسلاسل القيمة المرتبطة بها، لكن أي تراجع مفاجئ في الطلب أو تغير في السياسات التنظيمية قد يقلب المعادلة سريعاً.
أما الأسر فقد تواجه انعكاسات مباشرة عبر ارتفاع تكاليف المعيشة؛ إذ تنتقل زيادة تكاليف السلع الأولية إلى أسعار الطاقة والنقل والمواد الغذائية.
وللمستثمرين، قد تبدو القطاعات المرتبطة بالذهب والمعادن والموارد أكثر جاذبية في الوقت الحالي. كما يمكن أن تلحق القطاعات المتأخرة بالركب إذا استمر الاتجاه، لكن الانتقائية ستكون أساسية: جودة الشركات، مدى تعرضها للتنظيمات، واستقرار الطلب سيحدد الفائزين من الخاسرين.
الخاتمة
بعد أشهر من الضعف، جاء أغسطس ليشهد عودة قوية لأسعار الصادرات السلعية الأسترالية، مع الذهب في صدارة المشهد. الزخم موجود، والتفاؤل مبرر، لكن الصورة ليست خالية من المخاطر.
الخلاصة: نحن في مرحلة تعافٍ لكنها غير مستقرة. على المصدّرين والمستثمرين توخي الحذر والانتباه إلى التطورات في الرسوم والسياسات، بيانات التضخم، واتجاهات الطلب، خصوصاً من الصين. فإذا بقيت هذه العوامل مواتية، قد يستمر الانتعاش؛ أما إذا تعثرت، فقد تعود التقلبات سريعاً إلى الواجهة.