مجلس مراقبة مجموعة العشرين يحذر من ضعف تنظيم العملات المشفرة عالميًا

ومضة الاقتصادي


فالشركات التي تعمل في أكثر من دولة تواجه تحديات في توحيد أنظمتها للامتثال، وتتحمل تكاليف قانونية متزايدة نتيجة اختلاف القواعد من سوق لآخر.
أما المستثمرون، فإنهم يواجهون مخاطر “الولاية القضائية”، حيث قد تختلف حماية أموالهم تبعًا للبلد الذي تعمل فيه المنصة أو المشروع. فالتعامل مع منصة غير خاضعة لإشراف قوي يعني احتمالًا أكبر للتعرض للاحتيال أو خسارة الأصول عند حدوث أزمة.

ورغم ذلك، يرى بعض الخبراء أن الضغط التنظيمي قد يكون مفيدًا على المدى الطويل، إذ يدفع نحو خلق بيئة أكثر استقرارًا وشفافية. ومع ازدياد حجم السوق إلى تريليونات الدولارات، فإن وضع قواعد مشتركة أصبح ضرورة وليس خيارًا.

فرص التعاون العالمي

يدعو مجلس الاستقرار المالي إلى تعزيز التنسيق بين البنوك المركزية وهيئات الرقابة المالية من أجل تطوير إطار عالمي لتنظيم العملات المستقرة والأصول المشفرة، على غرار ما تم في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008.
ويتضمن ذلك إنشاء معايير موحدة للإفصاح عن الاحتياطيات، ومراقبة عمليات الإقراض بالعملات المشفرة، وإرساء قواعد لتدفقات الأموال بين الدول. كما يُتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة توصيات أكثر تحديدًا من المجلس، تشمل الجداول الزمنية وخطط التنفيذ.

وفي المقابل، بدأت بعض الكيانات الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي بالفعل في اتخاذ خطوات عملية، من خلال تنفيذ قانون "ميكا" (MiCA) الذي يعد أول إطار شامل لتنظيم سوق الأصول المشفرة. كما تعمل الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة على تطوير تشريعات موازية، وإن كانت بوتيرة متفاوتة.

ماذا ينتظر السوق الآن؟

يراقب المستثمرون باهتمام الخطوات التالية لمجلس الاستقرار المالي، خصوصًا فيما يتعلق بالجدول الزمني لتطبيق المعايير الجديدة. كما يترقب الجميع مواقف الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي التي سيحدد توافقها أو اختلافها شكل النظام المستقبلي للسوق الرقمية.

في الوقت نفسه، سيكون على مصدّري العملات المستقرة الرد سريعًا عبر تعزيز الشفافية، وتقديم تقارير منتظمة عن احتياطياتهم المالية، وربما إعادة هيكلة نماذجهم التشغيلية لتتوافق مع المعايير القادمة.
أما بالنسبة للمستثمرين الأفراد، فمن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة زيادة في الإفصاح وتقييدًا لممارسات الرافعة المالية، وهو ما قد يحسن استقرار السوق لكنه يحد من فرص الربح السريع.

خلاصة: سوق متنامٍ بحاجة إلى حوكمة عالمية

تحذير مجلس الاستقرار المالي يعيد طرح سؤال جوهري: هل يمكن للنظام المالي العالمي أن يتعايش مع قطاع يتطور بهذه السرعة دون إطار منضبط؟
الإجابة، بحسب خبراء الاقتصاد، هي لا. فالعملات المشفرة لم تعد مجرد أدوات استثمارية هامشية، بل أصبحت مكونًا متزايد الأهمية في النظام المالي العالمي. ومع تضاعف قيمتها السوقية، لم يعد تجاهلها ممكنًا.

إن ما يميز هذه المرحلة هو أن السباق لم يعد بين العملات الرقمية فحسب، بل بين الدول على من يضع القواعد أولًا. والجهة التي تنجح في صياغة نموذج توازني بين الابتكار والحماية ستكون هي من تحدد مستقبل المال في العالم الرقمي.

تم نسخ الرابط