مجلس مراقبة مجموعة العشرين يحذر من ضعف تنظيم العملات المشفرة عالميًا
مجلس مراقبة مجموعة العشرين يحذر من ضعف تنظيم العملات المشفرة عالميًا
أطلق مجلس الاستقرار المالي (FSB)، وهو الهيئة الرقابية التابعة لمجموعة العشرين، تحذيرًا جديدًا بشأن تزايد الفجوات التنظيمية في قطاع العملات المشفرة، محذرًا من أن غياب إطار موحّد قد يشكل خطرًا على النظام المالي العالمي. ووفقًا لتقارير، أشار المجلس إلى أن القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية تضاعفت خلال العام الماضي لتصل إلى نحو 4 تريليونات دولار، ما زاد من المخاوف بشأن المخاطر النظامية المحتملة، خصوصًا في ظل ضعف الرقابة على العملات المستقرة (Stablecoins) والتعاملات العابرة للحدود.
نمو يفوق قدرة القوانين على المواكبة
يشير تقرير المجلس إلى أن السرعة التي يتطور بها سوق الأصول الرقمية تفوق قدرة التشريعات العالمية على مجاراة التغيرات. فمع توسع النشاط التجاري في العملات المشفرة ومنصات التمويل اللامركزي (DeFi)، أصبحت الفجوة بين الإبداع المالي والرقابة أكبر من أي وقت مضى.
ويُذكر أن عددًا قليلاً فقط من الدول يملك أطرًا تنظيمية قوية للعملات المستقرة، بينما تفتقر الغالبية إلى قوانين واضحة تنظم الإقراض أو استخدام الرافعة المالية أو تدفقات الأموال عبر الحدود.
وفي ظل هذا الغياب للتنسيق الدولي، تخشى الجهات الرقابية من أن تتحول العملات الرقمية إلى بيئة خصبة للمخاطر النظامية، خصوصًا مع دخولها بشكل متزايد في تعاملات الأسواق التقليدية، مما يجعلها قادرة على نقل العدوى المالية إلى النظام المصرفي في حال وقوع أزمة سيولة.
العملات المستقرة: الحلقة الأضعف في النظام
يرى مجلس الاستقرار المالي أن العملات المستقرة تمثل الخطر الأكبر في الوقت الراهن، لأنها تسعى إلى محاكاة خصائص النقود التقليدية دون خضوعها للضمانات نفسها. فهي تُستخدم كوسيط رئيسي للتداول داخل منصات العملات المشفرة، وغالبًا ما تكون مدعومة باحتياطيات غير شفافة أو جزئية، ما يجعلها عرضة لهروب جماعي للمستثمرين إذا فقدت الثقة بها.
ويحذر التقرير من أن تشابه العملات المستقرة مع “الأموال الخاصة” قد يهدد سيادة البنوك المركزية في إصدار النقود وتنفيذ السياسات النقدية، خصوصًا إذا توسع استخدامها في المدفوعات اليومية أو التحويلات الدولية. كما أن فشل أحد الإصدارات الكبرى منها يمكن أن يتسبب باضطراب واسع النطاق في الأسواق الرقمية، مع تأثيرات متسلسلة تمتد إلى المؤسسات المالية المرتبطة بها.
العقبات أمام بناء نظام رقابي موحد
رغم إدراك معظم الدول لحجم المخاطر، إلا أن تنفيذ نظام رقابي عالمي متماسك لا يزال يواجه عقبات كبيرة.
أول هذه العقبات هو التحايل التنظيمي؛ إذ تميل الشركات العاملة في المجال إلى نقل أنشطتها نحو الولايات القضائية ذات القوانين الأكثر تساهلاً، ما يخلق منافسة غير متكافئة ويقوّض فعالية الرقابة.
ثانيًا، يعاني العديد من الأسواق من نقص في آليات التنفيذ الفعّال، فحتى عندما تُسن القوانين، تبقى مراقبة الامتثال ضعيفة أو متقطعة.
أما ثالثًا، فهناك مقاومة سياسية واضحة للتنسيق الدولي، حيث تعتبر بعض الحكومات أن السيادة المالية تمنعها من الالتزام الكامل بالمعايير العابرة للحدود.
انعكاسات على الشركات والمستثمرين
تأتي هذه التحذيرات في وقت حساس بالنسبة للشركات العاملة في مجال الأصول الرقمية، إذ يتعين عليها الآن التعامل مع مشهد تنظيمي مجزأ ومعقد.