النفط يتجه نحو أكبر خسارة أسبوعية منذ أكثر من ثلاثة أشهر

ومضة الاقتصادي

بعد أسابيع من التقلبات، أنهت أسعار النفط هذا الأسبوع على نغمة سلبية. فقد تراجع خام برنت إلى 64.54 دولارًا للبرميل، بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط (WTI) إلى 60.89 دولارًا، رغم تعافيهما بشكل طفيف خلال الجلسة (+0.7%). لكن الخسائر الأسبوعية ظلت ثقيلة: برنت تراجع بنسبة 8%، وWTI خسر 7.4%، وهي أكبر انخفاضات منذ أوائل الصيف.

مخاوف الفائض تهيمن على السوق

البيع المكثف جاء نتيجة مزيج من العوامل السلبية، أبرزها التوقعات بأن تحالف أوبك+ سيزيد الإنتاج بنحو 500 ألف برميل يوميًا، وهو ما يضيف معروضًا كبيرًا إلى سوق يعاني بالفعل من مؤشرات اختلال.

يزيد الضغط أيضًا مع ضعف الطلب الموسمي، حيث تدخل المصافي فترات صيانة تقلل من استهلاكها للخام. وفي الوقت نفسه، ارتفعت المخزونات الأميركية، ما يشير إلى فجوة بين العرض والاستهلاك.

هذا المزيج ترك المتداولين بلا رغبة قوية في رفع الأسعار، رغم بعض التعافي الفني المحدود.

لماذا يهم هذا التراجع؟

أسعار الطاقة تظل مؤشرًا حيويًا للنشاط الاقتصادي والمخاطر الجيوسياسية. التراجع الحاد هذا الأسبوع يبرز مدى سرعة تغير المزاج حين تتبدل ديناميكيات العرض والطلب.

بالنسبة للمنتجين: الأسعار المنخفضة تهدد الهوامش وخطط الاستثمار، خصوصًا للشركات ذات التكاليف المرتفعة.

بالنسبة للمستهلكين والشركات: انخفاض أسعار النفط يعني تراجع تكاليف الوقود — نقطة إيجابية نادرة وسط الضغوط التضخمية الأوسع.

بالنسبة لصانعي السياسات: الانخفاض يعقد التوقعات الخاصة بالتضخم، خاصة في الاقتصادات التي تشكل فيها الطاقة عنصرًا رئيسيًا في سلة أسعار المستهلك.

مخاطر قد تعكس الاتجاه

رغم الخسائر الثقيلة، يبقى النفط أحد أكثر السلع حساسيةً للعوامل الجيوسياسية. عدة سيناريوهات قد تعكس المسار سريعًا:

انتعاش الطلب: بيانات اقتصادية أقوى من المتوقع، خصوصًا من الصين أو الولايات المتحدة، قد تعيد الطلب بسرعة.

صدمات جيوسياسية: أي اضطراب في الشرق الأوسط أو مناطق إمداد رئيسية أخرى قد يعيد علاوة المخاطر إلى الأسعار.

التزام أوبك+: إذا فشل التحالف في تنفيذ زيادات الإنتاج المخطط لها — أو ألمح إلى ضبط المعروض — قد يتحول المزاج إلى تفاؤل.

لكن في الوقت الحالي، ترجح كفة المخاطر استمرار الضعف.

الانعكاسات على الأطراف المعنية

شركات الطاقة: الكبار المتنوعون قد يتجاوزون الأزمة بفضل تنوع أعمالهم، لكن المنتجين المتخصصين يواجهون خفضًا في الأرباح.

القطاعات الصناعية: شركات الطيران والشحن والخدمات اللوجستية قد تستفيد من انخفاض التكاليف، ما يعزز الهوامش وربما يخفض الأسعار للمستهلكين.

المستثمرون: أسهم الطاقة قد تواجه ضغوطًا جديدة، فيما يراقب مستثمرو السندات علامات الضغوط المالية لدى المنتجين الأكثر مديونية.

ما الذي يجب مراقبته لاحقًا؟

إعلانات أوبك+: اجتماعها المقبل سيكون محوريًا في تحديد اتجاه السوق.

بيانات المخزونات الأميركية: تقارير إدارة معلومات الطاقة (EIA) والمعهد الأميركي للبترول (API) ستكشف ملامح توازن العرض والطلب.

مؤشرات الطلب العالمي: معدلات تشغيل المصافي، بيانات النقل، والنشاط الصناعي ستحدد ما إذا كان الضعف مؤقتًا أم هيكليًا.

الخلاصة

يتجه النفط نحو أكبر خسارة أسبوعية له منذ أكثر من ثلاثة أشهر، محاصرًا بين مخاوف الفائض وتراجع الطلب. وبينما قد يرحب المستهلكون بانخفاض تكاليف الطاقة، تذكّر هذه التقلبات بمدى هشاشة السوق الحالي. بالنسبة للشركات والمستثمرين وصانعي القرار، يمثل هبوط النفط الأخير تحذيرًا وفرصةً في آن — تذكيرًا بأن الطاقة ما زالت واحدة من أكثر القوى غير المتوقعة في الاقتصاد العالمي.

تم نسخ الرابط