الذهب يمدّد سلسلة مكاسبه مع تصاعد آمال خفض الفائدة والإغلاق الحكومي
عاد الذهب ليتألق في قلب الأسواق المالية. ففي تداولات يوم الجمعة، استقر سعر الأونصة الفورية قرب 3,859 دولارًا بعد أن لامس لفترة وجيزة مستوى 3,896.49 دولارًا، مقتربًا من مستويات قياسية. وبهذا يسجل المعدن الأصفر مكاسب أسبوعية تقارب 2.5%، ليمتد صعوده لسبعة أسابيع متتالية.
الذهب في سباق صعود متواصل
ارتفعت عقود الذهب الآجلة لتسليم ديسمبر بنسبة 0.4% أيضًا، ما يعكس استمرار الطلب الاستثماري القوي على المعدن الثمين وسط حالة عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد الأوسع. ويُعد هذا المسار لافتًا ليس فقط بطوله، بل بتوقيته أيضًا، إذ يتزامن مع إغلاق الحكومة الأميركية الذي عطّل صدور البيانات الاقتصادية الرسمية.
في غياب هذه البيانات، يعتمد المستثمرون على التوقعات أكثر من الأرقام الفعلية. والتوقعات الآن تميل بقوة نحو خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي — وهو المحرك الأساسي لقوة الذهب.
لماذا يتألق الذهب الآن؟
عدة عوامل تتقاطع لدفع الذهب إلى الأعلى:
توقعات خفض الفائدة: مع مؤشرات ضعف في سوق العمل وغياب التقارير الرسمية، يزداد رهان الأسواق على تيسير السياسة النقدية. أسعار الفائدة المنخفضة تقلل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة أصول لا تدر عائدًا مثل الذهب.
جاذبية الملاذ الآمن: الجمود السياسي، عدم اليقين المالي، ومخاوف التباطؤ الاقتصادي كلها تعزز الطلب على الأصول الآمنة.
ضعف الدولار: تراجع العملة الأميركية يجعل الذهب أرخص للمشترين الأجانب، مما يزيد الطلب عليه.
هذه القوى مجتمعة تخلق حلقة تغذية راجعة قوية: الغموض يزيد الطلب على الذهب، ارتفاع الأسعار يجذب تدفقات إضافية، والزخم يعزز استمرار الصعود.
ما قد يوقف سلسلة المكاسب
رغم قوة الاتجاه، تظل هناك مخاطر:
مفاجآت البيانات: عند عودة التقارير الرسمية حول التوظيف والتضخم في الولايات المتحدة، قد تؤدي أرقام أقوى من المتوقع إلى تراجع رهانات خفض الفائدة بسرعة.
تشبّع فني بالشراء: صعود الذهب الحاد قد يدفع المتداولين إلى جني أرباح أو دخول في مرحلة تصحيح قصيرة.
تحولات المزاج الاستثماري: إذا عاد المزاج إلى "المخاطرة" (Risk-on)، قد يتجه جزء من رأس المال بعيدًا عن الذهب نحو الأسهم أو العملات الرقمية.
لكن حتى الآن، لا يبدو أن هذه المخاطر كافية لكسر سلسلة المكاسب.
الانعكاسات على الأطراف المعنية
شركات التعدين: الأسعار المرتفعة تعني هوامش أرباح أقوى، ما قد يدعم خطط التوسع ويعزز عوائد المساهمين.
المستثمرون: المعادن الثمينة تعود إلى الواجهة كمكوّن أساسي لتنويع المحافظ الاستثمارية. صناديق الذهب المتداولة (ETFs) سجلت بالفعل تدفقات داخلة متزايدة، ما يشير إلى مشاركة مؤسساتية أوسع.
البنوك المركزية: مع استمرار الغموض الجيوسياسي، قد تعيد البنوك المركزية النظر في استراتيجيات احتياطاتها، ما يعزز الطلب على الذهب المادي.
المستهلكون: ارتفاع أسعار الذهب قد يؤثر على أسواق المجوهرات، خصوصًا في دول مثل الهند والصين حيث الطلب على الذهب متجذر ثقافيًا.
ما الذي يجب مراقبته لاحقًا؟
تصريحات الاحتياطي الفيدرالي: أي تلميح بخصوص توقيت أو حجم خفض الفائدة قد يغير التوقعات بسرعة.
عودة البيانات الأميركية: بعد انتهاء الإغلاق، ستختبر أرقام التضخم والتوظيف مدى صلابة صعود الذهب.
تدفقات صناديق الذهب وشراء البنوك المركزية: هذه المؤشرات ستعطي إشارات حول استدامة الطلب طويل الأمد.
الخلاصة
سلسلة مكاسب الذهب الممتدة لسبعة أسابيع تتجاوز كونها إنجازًا تقنيًا؛ إنها انعكاس لبيئة سوقية يهيمن عليها الغموض، وتسودها السرديات، ويزدهر فيها الطلب على الملاذات الآمنة. الرسالة للمستثمرين واضحة: الذهب عاد إلى الواجهة، لكنه يلمع في ظل مخاطر لا تقل أهمية — مخاطر ستتحدد ملامحها بما يفصح عنه الاحتياطي الفيدرالي وما تكشفه البيانات الأميركية القادمة.