مؤشر داو وS&P 500 وناسداك يسجلون مستويات قياسية جديدة بعد بيانات تضخم معتدلة لشهر سبتمبر
كما ساهم التحسن النسبي في التضخم في دعم سوق السندات، إذ تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية مع تزايد توقعات التيسير النقدي، ما خفّض تكاليف التمويل وأضفى مزيدًا من الارتياح على بيئة الاستثمار.
ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن الأسواق اليوم تتحرك في نطاق من التفاؤل الحذر: فالمستثمرون يحتفون بالبيانات الإيجابية، لكنهم يدركون أيضًا أن معركة الفيدرالي مع التضخم لم تنته بعد.
انعكاسات على الاقتصاد الحقيقي
بعيدًا عن عالم المال، فإن هذه التطورات تحمل أيضًا تأثيرات ملموسة على الاقتصاد الأميركي الحقيقي. فاستقرار الأسعار وتراجع التضخم يعنيان تحسن القوة الشرائية للمستهلكين، وهو ما قد ينعكس على زيادة الإنفاق خلال موسم الأعياد المقبل، ويدعم نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع من العام.
كما يمكن أن يؤدي تحسن التوقعات التضخمية إلى تباطؤ وتيرة رفع الأسعار من قبل الشركات، وبالتالي استقرار السوق الاستهلاكية. ويُتوقع أن تستفيد القطاعات الحساسة للفائدة (مثل الإسكان والسيارات) من انخفاض تكاليف الاقتراض تدريجيًا إذا واصل التضخم التراجع.
في الوقت نفسه، تُظهر الشركات الكبرى تفاؤلًا حذرًا، إذ تتجه نحو زيادة الاستثمار في الإنتاج والتقنيات الحديثة، مدفوعةً بثقة متنامية بأن الاقتصاد الأميركي يسير نحو مرحلة أكثر استقرارًا بعد عامين من التقلبات الشديدة.
هل اقترب الفيدرالي من نهاية دورة التشديد؟
السؤال الأبرز الآن في الأسواق هو ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ فعلاً بخفض الفائدة قريبًا.
فبيانات سبتمبر فتحت الباب أمام هذا الاحتمال، لكنها لم تحسمه بعد. فصناع السياسة في البنك المركزي أكدوا أكثر من مرة أنهم يحتاجون إلى “أدلة مستدامة” على تراجع التضخم قبل الإقدام على أي تغيير في المسار.
ورغم ذلك، يرى العديد من الخبراء أن الفيدرالي قد يتحول إلى نغمة أكثر مرونة في تصريحاته القادمة، خاصة إذا استمرت أسعار الطاقة في الاستقرار ولم تظهر مفاجآت جديدة في سوق العمل.
نظرة ختامية
يمكن القول إن بيانات التضخم لشهر سبتمبر جاءت بمثابة نقطة تحول للأسواق الأميركية. فقد منحت المستثمرين ما كانوا ينتظرونه منذ شهور: تأكيدًا على أن التضخم يتراجع بوتيرة آمنة، وأن السياسة النقدية ربما اقتربت من التحول نحو مرحلة أكثر تيسيرًا.
وبينما تبقى التحديات قائمة (من تباطؤ النمو العالمي إلى التوترات الجيوسياسية) إلا أن التفاؤل الذي عمّ الأسواق يعكس ثقة متزايدة في قدرة الاقتصاد الأميركي على تحقيق توازن بين النمو واستقرار الأسعار.
وبذلك، يسجل عام 2025 فصلاً جديدًا في رحلة الأسواق الأميركية، حيث تتلاقى البيانات الإيجابية مع قوة الشركات لتدفع مؤشرات داو جونز وS&P 500 وناسداك إلى آفاق جديدة من النمو والتفاؤل.