الأرجنتين تجمع مليار دولار من طرح سندات دولارية مع سعي ميلي للعودة العميقة إلى أسواق الدين
الأرجنتين تجمع مليار دولار من طرح سندات دولارية مع سعي ميلي للعودة العميقة إلى أسواق الدين
في خطوة تُعدّ الأكبر منذ سنوات، نجحت الأرجنتين في طرح سندات سيادية بالدولار بقيمة مليار دولار، وهو الإصدار الأول من نوعه منذ عام 2020. وقد حقق الطرح معدل عائد بلغ نحو 9.26%، مدعومًا بطلب قوي من المستثمرين المحليين، ما يعكس تحولًا لافتًا في شهية المخاطرة تجاه اقتصاد واجه في السابق موجات متتالية من التخلف عن السداد والأزمات المالية.
يمثل هذا الطرح نقطة تحول مهمة في استراتيجية الرئيس خافيير ميلي، الذي يسعى إلى إعادة بلاده للاندماج في الأسواق الدولية بعد سنوات من العزلة المالية. فالأسواق العالمية لطالما تعاملت بحذر شديد مع السندات الأرجنتينية نظرًا لتاريخ البلاد المتكرر في إعادة هيكلة ديونها. لكن الإصدار الجديد يفتح بابًا للتساؤل: هل بدأ المستثمرون فعليًا في استعادة ثقتهم؟ وهل تشهد الأرجنتين مرحلة جديدة من الانضباط الاقتصادي؟
لماذا عاد المستثمرون للاهتمام بالسندات الأرجنتينية؟
تعكس النتيجة الإيجابية للطرح حالة ثقة متجددة، جاءت على خلفية سلسلة محكمة من الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة بعد الانتخابات النصفية. فقد أطلق الرئيس ميلي حزمة إجراءات جريئة تهدف إلى تقليص العجز المالي، وتحرير الاقتصاد، وتهدئة التضخم الذي كان من بين الأعلى عالميًا.
التزام الحكومة بنهج إصلاحي أكثر شفافية وقدرة مؤسسات الدولة على الحد من التوسع النقدي، شكّلا عاملين رئيسيين في تحسين المزاج الاستثماري. كما أن تكوين قاعدة طلب محلية قوية على السندات ساعد في إرسال إشارة إيجابية للأسواق الدولية بأن الأرجنتين تسير في اتجاه أكثر استقرارًا.
بالإضافة إلى ذلك، يرى كثير من المستثمرين أن مستويات العائد المرتفعة تُغري بالعودة إلى سندات الأسواق الناشئة ذات المخاطر العالية خاصة في ظل التوقعات بتراجع أسعار الفائدة الأميركية خلال 2026، ما قد يدفع المستثمرين للبحث عن عوائد أعلى.
التحديات: الطريق للعودة الكاملة إلى الأسواق ما يزال طويلًا
ورغم التفاؤل، فإن المخاطر لا تزال حاضرة بقوة.
أولى هذه المخاطر تتمثل في انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي. فعلى الرغم من بعض التحسن، لا تزال الأرجنتين تملك احتياطيًا محدودًا مقارنة بالتزاماتها الخارجية الكبيرة، ما يعزز القلق بشأن قدرتها على خدمة الديون في المدى المتوسط.
إضافة إلى ذلك، لا تزال ضوابط العملة قائمة، وهي إحدى أهم القضايا التي تقيد الاستثمار وتحجب تدفقات رؤوس الأموال. كما تواجه البلاد استحقاقات ديون ضخمة خلال السنوات المقبلة، وهو ما يتطلب إما مفاوضات جديدة أو طرح المزيد من السندات الدولية وكلتاهما تحملان مخاطر.