شركات التكنولوجيا الكبرى تحت المجهر مع تصاعد التكهنات بخفض الفائدة ومخاطر التجارة الأميركية-الصينية

ومضة الاقتصادي

ويحذر محللون من أن استمرار هذه التوترات قد يهدد استقرار سلاسل التوريد العالمية، ويرفع تكاليف الإنتاج، ويؤخر إطلاق الأجهزة الجديدة. كما قد يؤدي إلى إعادة رسم خريطة التصنيع، حيث بدأت بعض الشركات بالفعل تحويل جزء من إنتاجها إلى الهند وفيتنام لتقليل الاعتماد على الصين.

تقييمات مرتفعة... وحذر من فقاعة محتملة

في الوقت الذي تستمر فيه أسهم التكنولوجيا بالصعود، ترتفع الأصوات المحذّرة من المبالغة في التقييمات السوقية. فقد تجاوزت القيمة الإجمالية للشركات الخمس الكبرى حاجز 12 تريليون دولار، ما يعادل تقريبًا نصف الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، وهو رقم غير مسبوق.

ويرى خبراء أن هذه القيم تعكس «تفاؤلًا مفرطًا» بتوقعات الأرباح المستقبلية، مؤكدين أن أي تراجع في نتائج الأرباح أو تباطؤ في نمو الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تصحيح حاد في الأسعار، يشبه ما حدث في فقاعة الإنترنت مطلع الألفية.

ويضيف محللون من بنك "جي بي مورغان" أن المستثمرين اليوم يسعون إلى التمييز بين الشركات التي تمتلك أصولًا تكنولوجية حقيقية قابلة للتطبيق التجاري، وتلك التي تعتمد فقط على «الضجة الإعلامية» لجذب التمويل.

تأثير مباشر على الاقتصاد والمجتمع

إن قوة شركات التكنولوجيا لا تقتصر على الأسواق المالية فحسب، بل تمتد إلى تشكيل نمط الحياة اليومية لمليارات المستخدمين حول العالم. فمنصات التواصل الاجتماعي، ومحركات البحث، ومتاجر التطبيقات، أصبحت أدوات أساسية في العمل والتعليم والتسوق والترفيه.

ومع التقدم في الذكاء الاصطناعي، يتسع الجدل حول قضايا الخصوصية، وأخلاقيات استخدام البيانات، والتمييز الخوارزمي. فبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي سيسهم في تحسين الإنتاجية وتوفير حلول للمشكلات المعقدة، يحذر آخرون من خطر الاعتماد المفرط على الأنظمة الذكية دون رقابة بشرية كافية.

كما أن هذه الشركات باتت تواجه ضغوطًا تنظيمية متزايدة من الحكومات الأوروبية والأميركية، التي تطالب بمزيد من الشفافية والحد من الاحتكار وضمان المنافسة العادلة.

ماذا ينتظر المستثمرون؟

في الأسابيع المقبلة، تترقب الأسواق تقارير الأرباح الفصلية التي ستصدر تباعًا من شركات التكنولوجيا الكبرى، والتي من شأنها أن تحدد اتجاه السوق خلال الربع الأخير من العام.

وسيكون التركيز الأساسي على:

نمو الإيرادات في مجال الحوسبة السحابية، وخاصة لدى مايكروسوفت وأمازون.

إيرادات الإعلانات الرقمية لدى ميتا وألفابت، ومدى تأثرها بضعف الإنفاق التسويقي العالمي.

أداء مبيعات الأجهزة لدى أبل، خصوصًا في السوق الصينية.

الإنفاق الرأسمالي على الذكاء الاصطناعي ومدى تحقيقه لعائد فعلي.

ويرجّح خبراء الاقتصاد أن أي نتائج إيجابية تفوق التوقعات قد تعزز التفاؤل وتدفع الأسواق إلى مستويات قياسية جديدة، بينما ستؤدي أي مفاجآت سلبية إلى تصحيح حاد، خاصة في ظل حساسية السوق تجاه أخبار الفائدة والاقتصاد العالمي.

خلاصة المشهد

يمكن القول إن شركات التكنولوجيا العملاقة تقف اليوم على مفترق طرق استراتيجي: فبينما تواصل قيادة الابتكار العالمي وتحقيق الأرباح الضخمة، تواجه في الوقت نفسه اختبارات قاسية تتعلق بالاستدامة، والتنظيم، والتوترات السياسية.

نجاحها في الموازنة بين هذه العوامل سيحدد ما إذا كانت ستستمر في دورها كقوة اقتصادية عالمية لعقدٍ جديد، أم ستبدأ مرحلة تصحيح مؤلمة كالتي شهدها العالم بعد فقاعة الإنترنت قبل عقدين.

وبين تفاؤل المستثمرين وحذر المحللين، يبقى المؤكد أن القطاع التكنولوجي برغم تقلباته سيظل قلب الاقتصاد العالمي الرقمي ومحور الابتكار في المستقبل المنظور.

تم نسخ الرابط