شركات التكنولوجيا الكبرى تحت المجهر مع تصاعد التكهنات بخفض الفائدة ومخاطر التجارة الأميركية-الصينية

ومضة الاقتصادي

شركات التكنولوجيا العملاقة بين رياح النمو ومخاطر التوترات العالمية

الأسواق تترقب نتائج الأرباح وسط تفاؤل بخفض الفائدة وتخوف من النزاع الأميركي-الصيني

تشهد الأسواق العالمية حالة من الترقب الحذر في ظل ما يمكن وصفه بـ«المرحلة المفصلية» بالنسبة لشركات التكنولوجيا الكبرى، إذ تتقاطع اليوم عوامل اقتصادية متناقضة تجمع بين آمال خفض الفائدة الأميركية من جهة، والتصعيد التجاري بين واشنطن وبكين من جهة أخرى، ما يجعل وول ستريت في حالة استعداد قصوى لتقلبات مفاجئة.

وتبرز في هذا السياق الشركات الخمس الكبرى (أبل، مايكروسوفت، أمازون، ميتا (فيسبوك)، وألفابت (جوجل)) التي تمثل نحو ثلث القيمة السوقية لمؤشر "ناسداك"، لتكون المقياس الأوضح لمدى قوة الاقتصاد الرقمي الأميركي، ومدى استمرار موجة التفاؤل التي رفعت أسهم التكنولوجيا إلى مستويات قياسية خلال الأشهر الماضية.

الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية يقودان المشهد

تتسابق الشركات العملاقة لتثبيت أقدامها في سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي بات يمثل العمود الفقري للابتكار في مجالات متعددة: من محركات البحث إلى إدارة البيانات والخدمات السحابية، مرورًا بتطبيقات الإنتاجية والتجارة الإلكترونية.

فمايكروسوفت مثلًا عززت مكانتها في سوق البرمجيات الذكية من خلال توسيع تكامل "Copilot" عبر نظام ويندوز ومنتجات أوفيس، بينما وسّعت أمازون قدرات خدمة AWS لاستضافة منصات الذكاء الاصطناعي للمؤسسات. أما أبل، فتركز على إدخال الذكاء الاصطناعي المحلي في أجهزة المستخدمين دون الاعتماد الكامل على السحابة، في محاولة لحماية الخصوصية.

هذه الاستثمارات الضخمة تُترجم إلى مئات المليارات من الدولارات سنويًا، وتشكل الآن المحرك الرئيسي لنمو الإيرادات. لكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية طويلة الأمد، خصوصًا أن معظم المشاريع لا تزال في مرحلة التطوير دون مردود مباشر.

خفض الفائدة… طوق نجاة محتمل

من الناحية الاقتصادية، تسعى الأسواق المالية إلى قراءة توجهات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) الذي يلمّح إلى احتمال خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة بعد تراجع تدريجي لمؤشرات التضخم.

ويعتبر خفض الفائدة خبرًا إيجابيًا بالنسبة لأسهم التكنولوجيا تحديدًا، إذ يؤدي إلى تقليل تكلفة الاقتراض، ويجعل تدفقات الأرباح المستقبلية أكثر قيمة عند حسابها بأسعار خصم أقل. بمعنى آخر، تصبح الشركات التي تراهن على النمو طويل الأمد مثل أبل وميتا وألفابت أكثر جاذبية للمستثمرين.

غير أن الأسواق لم تعد تنظر إلى هذه الخطوة بعيون التفاؤل فقط؛ فخفض الفائدة عادة ما يُشير أيضًا إلى تباطؤ اقتصادي محتمل، وهو ما قد ينعكس سلبًا على إيرادات الإعلانات، والمبيعات الإلكترونية، والإنفاق على الأجهزة الإلكترونية.

التوتر الأميركي-الصيني… ظل ثقيل على سلاسل التوريد

رغم الاندفاع التكنولوجي، لا يمكن تجاهل التحديات السياسية التي تلقي بظلالها على الصناعة، وفي مقدمتها الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين. فقد أعلنت واشنطن خلال الأسابيع الماضية عن نيتها تشديد القيود على تصدير الرقاقات المتقدمة، في محاولة للحد من تفوق الصين في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات العسكرية.

هذا القرار انعكس فورًا على السوق، حيث تراجعت أسهم الشركات المنتجة للرقائق مثل "إنفيديا" و"إنتل"، كما زاد الضغط على الشركات الأميركية التي تعتمد على الموردين الآسيويين، وفي مقدمتهم أبل، التي تعتمد بشكل كبير على مصانع "فوكسكون" في الصين وتايوان.

تم نسخ الرابط