تعمّق عمليات البيع في السندات العالمية مع ارتفاع العوائد إلى أعلى مستوياتها منذ أشهر
أهمية ذلك للشركات والأفراد
تتزايد آثار هذه التطورات وباتت ملموسة أكثر.
فـتكلفة الاقتراض للشركات ترتفع بسرعة، وليس بشكل طفيف. فالشركات التي تستعد لإعادة تمويل ديونها في أواخر 2024 أو أوائل 2025 قد تواجه تكاليف أعلى بكثير، ما قد يضغط على ميزانياتها وتصنيفاتها الائتمانية.
أما الأسر، فيعني ارتفاع العوائد طويلة الأجل ارتفاع معدلات الرهن العقاري، وتراجع القدرة على تحمل تكاليف السكن، وارتفاع مخاطر إعادة التمويل. وهذا بدوره يؤثر في ثقة المستهلك، خاصة مع تراجع توقعات الدخل والوظائف.
عالمياً، يزيد ارتفاع العوائد من احتمالات تشديد الائتمان، خصوصاً في الأسواق الناشئة. إذ تميل رؤوس الأموال إلى التدفق نحو الأصول الأميركية مع ارتفاع عوائد الخزانة، مما يضغط على عملات الأسواق الناشئة ويزيد تكلفة التمويل.
كيف يتصرف المستثمرون الآن؟
أحد أبرز التحولات هو التوجه نحو السندات قصيرة الأجل التي توفر عوائد جذابة مع تقلبات أقل. فهي تمنح المستثمرين عوائد تتراوح بين 4% و5% دون تحمل مخاطر طويلة المدة.
أما في سوق الأسهم فالصورة أكثر تعقيداً. فارتفاع معدلات الخصم يضغط على تقييمات الأسهم، خصوصاً شركات النمو التي تعتمد على أرباح مستقبلية بعيدة. وهذا قد يؤدي إلى تراجع مضاعفات الربحية خلال الأشهر المقبلة.
كما تتعرض عملات الأسواق الناشئة للضغط مجدداً مع تعافي الدولار، ما يزيد المخاطر التضخمية في الدول المعتمدة على الواردات.
ماذا نراقب خلال الفترة المقبلة؟
رغم أن موجة البيع الأخيرة كانت حادة، فإنها على الأرجح لن تكون الأخيرة. هناك عدة أحداث مفصلية ستحدد مسار السوق:
• تقارير التضخم الأميركية (CPI وPCE) أي مفاجأة صعودية قد تدفع العوائد إلى مستويات أعلى.
• اجتماع الفيدرالي في ديسمبر وتوجيهاته المستقبلية نبرة المؤتمر الصحفي ستكون حاسمة.
• تصويت بنك اليابان في ديسمبر قد يكون الأكثر تأثيراً خارج الولايات المتحدة، خصوصاً إذا اتجه نحو تعديل سياسة التحكم في منحنى العائد.
سوق عند مفترق طرق
ما يجعل اللحظة الحالية حساسة هو تداخل روايتين: التفاؤل بالهبوط الاقتصادي الناعم، والخوف من بقاء الضغوط التضخمية. وحتى تتضح الصورة، سيظل سوق السندات متقلباً وسيمتد هذا التقلب إلى كل شيء من الرهون العقارية إلى تمويل الشركات وتوزيع الأصول عالمياً.
والرسالة التي يبعث بها السوق الآن واضحة: استعدوا لمزيد من التقلب. ففي هذه البيئة، قد يكون الحذر هو أهم الأصول.