تباين السلع والأسهم وسط دوران المخاطر

ومضة الاقتصادي

تباين السلع والأسهم وسط دوران المخاطر

يشهد المستثمرون في الوقت الراهن انقسامًا لافتًا بين أداء السلع والأسهم؛ حيث تواصل السلع ارتفاعها بينما تبقى الأسهم عند مستويات مرتفعة، ما يشير إلى تحوّل في اتجاهات المخاطر ورؤوس الأموال. فقد تجاوز سعر الذهب حاجز 3,900 دولار للأونصة، مسجلًا ذروات متقطعة قرب 3,944 دولارًا. وفي الوقت نفسه، ارتفع خام برنت بنحو 1.3٪ مدعومًا بقرارات أوبك+ الأخيرة المتعلقة بالإنتاج. وعلى الجانب الآخر، لا تزال الأسهم الأمريكية تسجل مكاسب قوية، حيث واصل مؤشرا داو جونز وستاندرد آند بورز تحقيق قمم جديدة رغم المخاوف من احتمال إغلاق حكومي في الولايات المتحدة.

هذا التباين بين السلع والأسهم يعكس سردًا متغيرًا حول كيفية توزيع المستثمرين لمخاطرهم بين الأمان والنمو والتضخم.

ما الذي يقود هذا التباين؟

ضعف الدولار يعزز مكاسب السلع

يُعد تراجع الدولار الأمريكي عاملاً رئيسيًا في دعم أسعار السلع. فمع انخفاض قيمته، تصبح السلع المقومة بالدولار مثل الذهب والنفط أكثر جاذبية للمشترين من خارج الولايات المتحدة، ما يدفع الطلب إلى الأعلى. وفي الوقت نفسه، يدعم ضعف الدولار الشركات الأمريكية المدرجة، إذ يجعل صادراتها أكثر تنافسية ويخفف من تكلفة الواردات.

تدفقات الملاذ الآمن والتحوّط من التضخم

ارتفاع الذهب ليس مصادفة. فمع تصاعد الضبابية الاقتصادية والجيوسياسية، يتجه المستثمرون نحو الأصول التي تحافظ على قيمتها في الأزمات، مثل الذهب. ويزداد بريق المعدن الأصفر عندما تتراجع العوائد الحقيقية أو يُتوقع خفضها، وكذلك عندما تزداد المخاطر في الأسواق المالية.

تحركات العرض في أسواق النفط

ارتفاع أسعار النفط (برنت +1.3٪) مدعوم جزئيًا بقرارات أوبك+ المتعلقة بزيادة طفيفة في الإنتاج. هذه الخطوة أضافت عنصرًا من عدم اليقين بشأن توازن العرض والطلب، إذ تحاول الأسواق الموازنة بين خطر نقص الإمدادات وتباطؤ الطلب العالمي. هذا التوتر يدعم بقاء الأسعار مرتفعة في الوقت الراهن.

وباختصار: ضعف الدولار + تدفقات الملاذ الآمن + تحكم أوبك في المعروض = قوة في السلع. في المقابل، تبقى الأسهم في ارتفاع، في إشارة إلى استمرار الثقة أو ربما التراخي رغم تزايد المخاطر.

المخاطر التي قد تعيد التوازن

تباطؤ الطلب العالمي

تعتمد السلع بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي الفعلي. فإذا تباطأ النمو العالمي (خصوصًا في قطاعات الصناعة والبناء والطاقة) فقد يتراجع استهلاك السلع، ما يضغط على الأسعار نحو الأسفل.

الأسعار المبالغ فيها واحتمال التصحيح

الارتفاعات الممتدة دائمًا ما تجذب عمليات جني الأرباح. وقد تؤدي المؤشرات الفنية المتشبعة بالشراء إلى انعكاسات مفاجئة، خصوصًا إذا خيّبت البيانات الاقتصادية أو السياسية التوقعات.

أسعار الفائدة والعوائد

ارتفاع عوائد السندات يمثل خطرًا مزدوجًا على كل من الأسهم والسلع. فكلما ارتفعت معدلات الفائدة، تقل جاذبية الأصول الخطرة، وينخفض تقييم الأسهم. أما بالنسبة للذهب، فإن ارتفاع العوائد يزيد تكلفة الفرصة البديلة لحيازته ويضعف جاذبيته النسبية.

تم نسخ الرابط