الأسواق العالمية متباينة مع صعود الأسهم واستمرار المخاطر

ومضة الاقتصادي

الأسواق العالمية متباينة مع صعود الأسهم واستمرار المخاطر

ترسل الأسواق المالية العالمية إشارات متناقضة. فمن جهة، تواصل مؤشرات الأسهم الرئيسية الارتفاع التدريجي، مع اقتراب مؤشرات مثل داو جونز الصناعي وستاندرد آند بورز 500 من مستوياتها القياسية التاريخية. ومن جهة أخرى، يكمن تحت هذا التفاؤل الظاهري شعور متزايد بالحذر. إذ يتنقل المستثمرون في مشهد معقّد تتقاطع فيه السياسات النقدية الداعمة مع مخاطر اقتصادية كلية وجيوسياسية مستمرة، ما يخلق بيئة سوقية تتسم بالتحفظ بقدر ما تتسم بالثقة.

وقد جاء الزخم الأخير في أسواق الأسهم مدفوعًا إلى حد كبير بـ خفض أسعار الفائدة وتوقعات بمزيد من التيسير. فتكاليف الاقتراض المنخفضة عادةً ما تدعم تقييمات الأسهم من خلال تقليص معدلات الخصم وتحسين أوضاع التمويل للشركات. وبالنسبة لكثير من المستثمرين، عزز ذلك القناعة بأن البنوك المركزية مستعدة للتدخل لتخفيف وطأة التباطؤ الاقتصادي، ما شجع على الاستمرار في الاستثمار في الأسهم رغم مؤشرات تباطؤ النمو.

غير أن هذا الصعود لم يكن متساويًا بين القطاعات. ففي حين استفاد داو جونز وستاندرد آند بورز 500 من الانكشاف على القطاعات الصناعية والمالية وبعض قطاعات الاستهلاك، تخلف مؤشر ناسداك عن الركب. فقد تعرضت أسهم التكنولوجيا لضغوط مع إعادة تقييم المستثمرين للتقييمات وآفاق النمو. كما ألقت الشكوك المتزايدة حول استدامة الأرباح، لا سيما في المجالات كثيفة رأس المال مثل الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية السحابية، بظلالها على معنويات المستثمرين تجاه شركات التكنولوجيا الكبرى.

ويشير هذا التباين إلى تضييق نطاق القيادة السوقية، وهي ديناميكية غالبًا ما تثير قلق المستثمرين المخضرمين. فعندما تتركز المكاسب في عدد محدود من القطاعات، تصبح الأسواق أكثر هشاشة. وأي صدمة سلبية تصيب هذه القطاعات القيادية قد يكون لها تأثير غير متناسب على الأداء العام. وفي الدورة الحالية، تقدمت الأسهم الدورية وأسهم القيمة إلى الصدارة، بينما تظهر قطاعات النمو الكثيفة إشارات تعب وإرهاق.

وتضيف أسواق السندات طبقة أخرى من التعقيد. فعلى الرغم من خفض أسعار الفائدة، تظل عوائد السندات نقطة مراقبة أساسية. إذ لم تنخفض العوائد طويلة الأجل بالوتيرة نفسها التي تراجعت بها العوائد قصيرة الأجل، ما يعكس استمرار المخاوف بشأن التضخم، والعجوزات المالية، وحجم الاقتراض الحكومي الكبير. ويمكن للعوائد المرتفعة أن تشكل عبئًا على الأسهم من خلال توفير بديل أكثر جاذبية للمستثمرين مقارنة بالأسهم، فضلًا عن زيادة تكاليف التمويل على المدى الطويل.

وفي الوقت نفسه، يظل التضخم مصدر عدم يقين رئيسيًا. فعلى الرغم من تراجع معدلات التضخم الرئيسية عن ذروتها، فإن التقدم كان غير متكافئ بين المناطق والقطاعات. ولا يزال تضخم الخدمات، على وجه الخصوص، عنيدًا، ما يدفع البنوك المركزية إلى توخي الحذر في رسائلها. ونتيجة لذلك، تجد الأسواق نفسها عالقة بين التفاؤل بالدعم السياسي والقلق من احتمال عودة التضخم للارتفاع، الأمر الذي قد يجبر صانعي السياسات على إبطاء أو حتى عكس مسار التيسير.

تم نسخ الرابط