كينيا تبيع حصة في سفاريكوم لتمويل دفعة وطنية لمشاريع البنية التحتية
مع ذلك، لا يخلو القرار من مخاطر واضحة. فبيع حصة في شركة مربحة مثل سفاريكوم يعني التخلي عن تدفقات نقدية مستقبلية كانت ترفد الخزينة العامة بشكل منتظم. ويخشى منتقدون من أن العائدات لمرة واحدة قد تُنفق دون تحقيق الأثر التنموي المنشود، بينما تخسر الدولة مصدر دخل مستدام كان يمكن أن يساهم في تمويل الميزانية على مدى سنوات. كما يثير البعض تساؤلات حول التوقيت، معتبرين أن بيع الأصول في ظل ضغوط مالية قد يؤدي إلى تقييمات أقل من القيمة الحقيقية.
هناك أيضًا بعد سياسي واجتماعي لا يمكن تجاهله. فسفاريكوم تحظى بثقة واسعة لدى المواطنين، وأي مخاوف تتعلق بتغيير استراتيجيتها أو أولوياتها بعد زيادة حصة المستثمر الأجنبي قد تثير حساسيات داخلية. وعلى الرغم من احتفاظ الدولة بحصة 20%، فإن تأثيرها على القرارات الاستراتيجية قد يتراجع مقارنة بما كان عليه في السابق.
على الصعيد الإقليمي، قد تكون لهذه الصفقة تداعيات أوسع. فإذا نجحت كينيا في توظيف العائدات بفعالية وتحقيق نتائج ملموسة في البنية التحتية، فقد تشجع دولًا أفريقية أخرى على السير في مسار مماثل، من خلال بيع حصص في شركات مملوكة للدولة لتمويل التنمية. وهذا بدوره قد ينعكس على أسواق السندات، حيث يراقب المستثمرون عن كثب كيفية تأثير هذه الخطوات على الجدارة الائتمانية والاستدامة المالية للدول المعنية.
أما بالنسبة للمستثمرين الدوليين، فإن الصفقة تقدم صورة مزدوجة. فمن جهة، تعكس استعداد الحكومات الأفريقية لاتخاذ قرارات صعبة لمعالجة التحديات المالية، ما قد يعزز الثقة في الإصلاحات الاقتصادية. ومن جهة أخرى، تثير تساؤلات حول استقرار السياسات وحماية الاستثمارات طويلة الأجل، خصوصًا إذا أصبحت عمليات الخصخصة أداة متكررة لسد فجوات التمويل قصيرة الأجل.
في المحصلة، تمثل خطوة كينيا اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدول الناشئة على الموازنة بين الضرورات المالية الآنية والحفاظ على الأصول الاستراتيجية. فالنجاح لن يُقاس بحجم الأموال التي تم جمعها، بل بكيفية استخدامها، ومدى قدرتها على إحداث فرق ملموس في حياة المواطنين والاقتصاد ككل. وسيكون استخدام رأس مال صندوق البنية التحتية، ومستوى الشفافية والحوكمة فيه، من أبرز العوامل التي ستحدد ما إذا كانت هذه الصفقة ستُذكر كنموذج ناجح للإصلاح، أم كتحذير من مخاطر التفريط في الأصول المربحة.