انتعاش الأسهم مع تجاهل الأسواق للرسوم الجمركية الجديدة والتضخم العنيد
انتعاش الأسهم مع تجاهل الأسواق للرسوم الجمركية الجديدة والتضخم العنيد
شهدت الأسواق الأميركية يوم الجمعة الماضي انتعاشًا ملحوظًا، لتكسر سلسلة خسائر استمرت ثلاثة أيام، حيث ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 0.6%، وصعد مؤشر داو جونز الصناعي بحوالي 0.7%، فيما حقق مؤشر ناسداك مكاسب قدرها 0.4%. هذه النتائج، التي أوردتها وول ستريت جورنال، تعكس تحولًا في المزاج العام لدى المستثمرين من القلق إلى التفاؤل الحذر.
قراءة في الأرقام
التضخم مستمر لكن تحت السيطرة.
مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) – وهو من أهم مقاييس التضخم لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي – بقي فوق مستوى 2%، وهو ما يثير بعض القلق، إلا أن النتيجة جاءت مطابقة للتوقعات، ما بدّد المخاوف من صدمة تضخمية قد تدفع الفيدرالي لاتخاذ إجراءات صارمة بشكل مفاجئ.
عوائد السندات الأميركية مستقرة.
سجل العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات ارتفاعًا طفيفًا ليصل إلى نحو 4.185%. هذا المستوى يعكس بقاء المخاوف التضخمية، لكنه في الوقت ذاته يشير إلى أن الأسواق لا تتوقع تغييرات حادة ووشيكة في السياسة النقدية.
الرسوم الجمركية لم تزعزع الثقة بعد.
ورغم الإعلان عن رسوم جديدة على أدوية وأثاث وشاحنات، فإن رد فعل الأسواق كان محدودًا. بدا أن المستثمرين يراهنون على مرونة الاقتصاد وقدرة الشركات على امتصاص الأعباء الإضافية، بدلًا من الانسياق وراء المخاوف.
ما الذي يقود هذا الانتعاش؟
التفاؤل بشأن تخفيف السياسة النقدية. مع استقرار بيانات التضخم عند المستويات المتوقعة، يزداد إيمان المستثمرين بأن الفيدرالي قد يوقف التشديد النقدي وربما يتجه إلى خفض الفائدة مستقبلًا، ما يشكل دعمًا للأصول عالية المخاطر.
الثقة في مرونة الاقتصاد. نتائج الشركات والإنفاق الاستهلاكي ما زالا متماسكين، الأمر الذي يعزز الاعتقاد بأن الاقتصاد قادر على مواجهة الضغوط الحالية.
غياب المفاجآت السياسية أو النقدية. لم تصدر تصريحات متشددة غير متوقعة من مسؤولي الفيدرالي، كما لم يُعلن عن خطوات تجارية تصعيدية إضافية، وهو ما منح الأسواق قدرًا من الهدوء.
مخاطر وتحديات قادمة
تصعيد في الرسوم الجمركية. أي توسيع للرسوم أو ردود فعل انتقامية من شركاء تجاريين قد يهز ثقة الأسواق سريعًا.
مفاجآت تضخمية. أي أرقام قادمة للتضخم أو سوق العمل أعلى من التوقعات قد تجبر الفيدرالي على التشدد مجددًا.
تضخم تقييمات أسهم التكنولوجيا والنمو. ارتفاع الأسعار في هذه القطاعات يجعلها عرضة لتصحيحات حادة إذا تغيرت التوقعات بشأن أسعار الفائدة.
الانعكاسات على المستثمرين والشركات والجمهور
للمستثمرين في الأسهم: قد يكون الاستمرار في الاستثمار في القطاعات الدورية وأسهم النمو مجديًا، لكن من الحكمة تعزيز استراتيجيات التحوط وتنويع المحافظ.
للشركات ذات سلاسل التوريد العالمية: متابعة السياسات التجارية والجمركية ضرورة، لما قد تسببه من ارتفاع في التكاليف أو تأخير في العمليات.
للشركات الاستهلاكية وتجارة التجزئة: التضخم المستمر قد يضغط على هوامش الربح أو يقلل من الطلب مع تراجع القدرة الشرائية لدى المستهلكين.
ما الذي يجب متابعته؟
تقارير التضخم المقبلة. بيانات مؤشر أسعار المستهلك (CPI) ونفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) ستحدد اتجاهات السوق في المدى القريب.
إرشادات الشركات خلال موسم الأرباح. تركيز خاص على ما إذا كانت الإدارات ستشير إلى ضغوط على الهوامش بسبب التكاليف المرتفعة.
التطورات التجارية. أي رسوم جديدة أو إعفاءات قد تغيّر قواعد اللعبة بالنسبة للشركات والأسواق.
مؤشرات الثقة الاقتصادية. مثل معنويات المستهلكين وثقة الأعمال وتحركات سوق السندات.
أحدث المستويات
ستاندرد آند بورز 500: ارتفع ~0.6%، ليستعيد بعض خسائره الأخيرة.
داو جونز الصناعي: صعد ~0.7%، مدعومًا بأسهم الصناعات والمواد.
ناسداك المركب: تقدم ~0.4%، مع مكاسب محدودة في قطاع التكنولوجيا.
عائد السندات لأجل 10 سنوات: عند ~4.185%، بزيادة طفيفة دون تقلبات حادة.
الخلاصة
الانتعاش الأخير لا يعني أن المخاطر اختفت، لكنه يوضح أن الأسواق اختارت التركيز على الاستقرار النسبي في البيانات بدلًا من تضخيم المخاوف. فالمستثمرون يراهنون على أن التضخم تحت السيطرة، والسياسة النقدية لن تكون أكثر تشددًا في الوقت القريب.
لكن هذه الأجواء قد تتغير سريعًا مع أي مفاجأة في بيانات التضخم أو السياسة التجارية. لذلك، يبقى الحذر مطلوبًا، والاستعداد للتقلبات هو النهج الأكثر واقعية.
في عالم الأسواق، يكفي أحيانًا غياب الأخبار السيئة لتمنح المستثمرين متنفسًا، ولو مؤقتًا.