تتجه المملكة المتحدة نحو وضع حدود لحيازات العملات المستقرة وسط تحذيرات الصناعة من مخاطر على القدرة التنافسية

ومضة الاقتصادي

تتجه المملكة المتحدة نحو وضع حدود لحيازات العملات المستقرة وسط تحذيرات الصناعة من مخاطر على القدرة التنافسية

في خطوة قد تعيد تشكيل مستقبل الأصول الرقمية في المملكة المتحدة، أعلن بنك إنجلترا عن مقترح جديد لتنظيم مُصدري العملات المستقرة يتضمن فرض حدود قصوى لحيازات الأفراد والشركات، إضافةً إلى متطلبات تفصيلية حول كيفية إدارة المُصدِرين “النظاميين” لاحتياطياتهم. وقد أثار هذا الإعلان، الذي جاء خلال الـ 48 ساعة الماضية، نقاشاً واسعاً داخل قطاع التشفير، خاصة فيما يتعلق بقدرة المملكة المتحدة على ترسيخ نفسها كمنصة عالمية للابتكار في مجال الأصول الرقمية.

وبموجب المقترح، سيسمح لمُصدري العملات المستقرة النظاميين بالاحتفاظ بما يصل إلى 60% من احتياطياتهم في الديون الحكومية البريطانية قصيرة الأجل، بينما سيخضع المستخدمون الأفراد لحد أقصى يبلغ 20,000 جنيه إسترليني، والشركات لحد أقصى يبلغ 10 ملايين جنيه إسترليني. وبحسب البنك المركزي، تهدف هذه الإجراءات للحد من مخاطر الاستقرار المالي مع ازدياد استخدام العملات المستقرة في المدفوعات والبنى المالية الأساسية.

لكن رغم دفاع الجهات التنظيمية عن ضرورة هذه القواعد، تحذر شركات التشفير من أنها قد تُقيد طموحات المملكة المتحدة في أن تصبح مركزاً عالمياً للتمويل الرقمي.

لماذا تتحرك المملكة المتحدة الآن؟

لم تُخفِ المملكة المتحدة رغبتها في أن تصبح مركزاً رائداً على مستوى العالم في مجال التشفير والأصول الرقمية والتوكنات. لكن هذا الطموح لطالما ترافق مع مخاوف تتعلق بالمخاطر النظامية، خصوصاً مع التوسع السريع للعملات المستقرة واقترابها من البنية التحتية المالية التقليدية.

فالعملات المستقرة مصممة لتكون مستقرة، إذ تُربط عادة بالعملة الورقية وتُدعم باحتياطيات عالية الجودة وسريعة التسييل. لكن التجارب السابقة في هزّات سوق التشفير أظهرت أن أي فقدان للربط بالعملة الأساسية يمكن أن يؤدي إلى مخاطر متسلسلة، خاصة عندما يعتمد المستخدمون عليها في المدفوعات أو التحويلات أو الاحتفاظ بالقيمة. وكلما زاد انتشار هذه الأصول، ارتفعت المخاطر.

ومن خلال تقديم قواعد تُنظم الأصول الداعمة، وآليات الاسترداد، والحدود القصوى للحيازة، يسعى بنك إنجلترا إلى ضمان ألا يصل أي مُصدر أو قاعدة مستخدمين إلى حجم يهدد الاستقرار النظامي.

وتؤكد الجهات التنظيمية أن هذا ليس سعياً لعرقلة الابتكار، بل لبناء أساس متين لدمج العملات المستقرة في النظام المالي الرسمي.

اعتراضات الصناعة: "هذه القيود قد تضر بتنافسية المملكة المتحدة"

ترى شركات التشفير الصورة من منظور مختلف. فبينما تُقر بضرورة التنظيم، فإن الحدود المقترحة على الحيازات أثارت مخاوف من أن المملكة المتحدة تضع قيوداً صارمة لدرجة قد تدفع المُصدرين والمستخدمين للانتقال إلى ولايات قضائية أكثر مرونة.

ويؤكد العديد من رواد الصناعة أن:

الحدود على الحيازات تشوه وظيفة السوق. إذ تُستخدم العملات المستقرة لإدارة السيولة والتحويلات عبر الحدود وعمليات الخزينة. ووضع سقف للحيازات قد يقلل من فائدتها للشركات.

الفجوة التنظيمية عالمياً تتسع. فالنهج الأوروبي (MiCA) ونموذج سنغافورة واللوائح الأميركية المقترحة تختلف في فلسفتها. وضع حدود فريدة في المملكة المتحدة قد يدفع المُصدرين خارجها.

الابتكار يحتاج إلى التوسع. وإذا تم الحد من استخدام العملات المستقرة بشكل مصطنع، فقد تخسر المملكة المتحدة زخمها في مجالات مثل الودائع المرمّزة، والمدفوعات الرقمية، وتصميم منتجات التكنولوجيا المالية.

بعض الشركات ألمحت بالفعل إلى أنها قد تُعيد هيكلة نماذج أعمالها إذا تم اعتماد اللوائح بصيغتها الحالية.

تم نسخ الرابط