استثمارات الأصول الثابتة في الصين تتراجع 1.7% خلال عشرة أشهر: ضغوط متصاعدة تثير موجة بيع إقليمية
استثمارات الأصول الثابتة في الصين تتراجع 1.7% خلال عشرة أشهر: ضغوط متصاعدة تثير موجة بيع إقليمية
في تطور اقتصادي لافت يعكس حجم الضغوط التي يواجهها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أعلنت الصين تراجع استثمارات الأصول الثابتة بنسبة 1.7% على أساس سنوي خلال الأشهر العشرة الأولى من العام وهو أكبر انخفاض مسجل في هذا المؤشر الحيوي الذي طالما اعتُبر أحد أعمدة النمو الصيني. وقد أدى هذا التراجع المفاجئ إلى موجة بيع واسعة في الأسواق الآسيوية، وسط مخاوف من أن تكون الصين على أعتاب مرحلة تباطؤ أطول وأكثر تعقيدًا مما كان متوقعًا.
استثمارات الأصول الثابتة تشمل المشاريع الضخمة مثل البنية التحتية، العقارات، المصانع، والآلات. وتراجعها بهذا الشكل ينذر بأن الشركات والحكومات المحلية لم تعد قادرة في الإنفاق والاستثمار بنفس القوة، وهو ما يعكس مجموعة من التحديات البنيوية التي تواجه الاقتصاد الصيني حاليًا.
ضعف الطلب المحلي وتداعيات أزمة العقارات
من بين العوامل الرئيسية التي قادت إلى هذا التراجع، يبرز ضعف الطلب المحلي كعامل أساسي. فالاستهلاك الصيني لم يستعد عافيته بعد سنوات من الإغلاق الصارم خلال جائحة كورونا، كما أن ثقة المستهلك لا تزال منخفضة رغم الإجراءات التحفيزية المتفرقة التي أطلقتها الحكومة.
ويُضاف إلى ذلك ثقل قطاع العقارات، الذي لطالما كان محركًا رئيسيًا للنمو في الصين. فالشركات العقارية الكبرى، التي كانت تقود طفرة البناء على مدى عقدين، تواجه أزمة سيولة حادة، وتراجعًا في المبيعات، وتعثّرًا في الديون. هذا القطاع الذي يشكّل نحو ربع النشاط الاقتصادي في الصين أصبح اليوم مصدرًا رئيسيًا لعدم اليقين، وهو ما انعكس مباشرة على استثمارات الأصول الثابتة التي تشمل مكونات عقارية واسعة.
كما أن الحكومات المحلية التي كانت تعتمد كثيرًا على مبيعات الأراضي لتمويل مشاريعها تواجه انخفاضًا حادًا في الإيرادات، ما أدى إلى تقليص ميزانيات الاستثمار والبنية التحتية.
مخاوف من تباطؤ عالمي وانتقال العدوى للأسواق الناشئة
لم تقتصر آثار البيانات الصينية الضعيفة على الداخل فقط، بل امتدت إلى بقية آسيا والأسواق الناشئة المرتبطة بشكل وثيق بالطلب الصيني. فقد شهدت البورصات الإقليمية عمليات بيع واسعة بمجرد صدور الأرقام، إذ يخشى المستثمرون من أن يؤدي تراجع الاستثمارات إلى انخفاض في الطلب على السلع الأساسية والمواد الخام والمنتجات الصناعية وهي القطاعات التي تعتمد عليها العديد من الاقتصادات الآسيوية.
إن تباطؤ الاقتصاد الصيني يمثل خطرًا عالميًا؛ فالصين تُعد المستهلك الأكبر أو الثاني عالميًا لمجموعة من السلع مثل الحديد، النحاس، النفط، والمواد البتروكيميائية. وبالتالي، فإن أي تباطؤ في النمو الاستثماري ينعكس فورًا على سلاسل الإمداد العالمية والأسواق الناشئة ومصدّري السلع.