عوائد السندات والدولار يتفاعلان مع تحسن شهية المخاطرة
عوائد السندات والدولار يتفاعلان مع تحسن شهية المخاطرة
شهدت أسواق المال خلال اليومين الماضيين تحوّلًا ملحوظًا في حركة رؤوس الأموال، حيث ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية وارتفع الدولار أمام معظم العملات الرئيسية، في وقتٍ تتجه فيه الأنظار نحو مؤشرات المخاطرة التي عادت بقوة بعد أسابيع من القلق السياسي. ومع تحسن المعنويات عقب اقتراب حل الإغلاق الحكومي الأمريكي، أعاد المستثمرون توزيع محافظهم المالية، مفضلين الأسهم والأصول عالية العائد على حساب الملاذات الآمنة مثل السندات والذهب.
تحركات الأسواق خلال الـ 48 ساعة الماضية
بحسب تقارير، فقد شهدت أسواق السندات موجة بيع طفيفة دفعت عوائد الخزانة الأمريكية إلى الارتفاع، بينما تراجع الإقبال على أدوات الدين الحكومية في ظل عودة شهية المخاطرة للأسواق. وفي الوقت ذاته، تحسن أداء الدولار الأمريكي نتيجة تدفقات الأموال الخارجة من السندات ودخولها إلى الأصول الخطرة، لا سيما في أسواق الأسهم العالمية.
هذا التحول يُعد طبيعيًا بعد فترة طويلة من التركيز على المخاطر السياسية التي أثارها الإغلاق الحكومي. فمع تراجع احتمالات التوقف الطويل للحكومة، بدأ المستثمرون يتوقعون تحسن النشاط الاقتصادي الأمريكي وعودة بعض المؤشرات إلى مسارها الطبيعي، مما دفع العوائد للارتفاع نتيجة انخفاض الطلب على أدوات الدخل الثابت.
الأسباب وراء ارتفاع العوائد
تُعزى حركة الارتفاع في العوائد إلى مزيج من التحسن في المعنويات وانخفاض الطلب على الأصول الآمنة. فكلما زاد التفاؤل بشأن الاقتصاد أو تقلصت المخاطر السياسية، تراجعت الحاجة إلى الاستثمار في السندات الحكومية التي توفر عائدًا منخفضًا ولكن درجة أمان عالية.
كما لعبت توقعات التضخم دورًا رئيسيًا في هذا التحول. فالمستثمرون يتوقعون أن تؤدي إعادة فتح الحكومة إلى زيادة الإنفاق العام وارتفاع النشاط الاستهلاكي، مما قد يرفع الأسعار تدريجيًا ويدفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إلى إبقاء أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة لفترة أطول.
في المقابل، فإن تحسن الأوضاع الاقتصادية ولو بشكل مؤقت يعزز قوة الدولار، حيث يُنظر إلى الاقتصاد الأمريكي باعتباره أكثر مرونة من نظرائه في أوروبا وآسيا. وبالتالي، فإن تدفقات رؤوس الأموال نحو الأصول الأمريكية تُبقي الدولار قويًا، ولو أن ذلك يشكل ضغطًا على الأسواق الناشئة التي تعاني عادة من خروج السيولة في مثل هذه الفترات.
المخاطر والتحديات المحتملة
ورغم الأجواء الإيجابية الحالية، يحذر الخبراء من أن ارتفاع العوائد قد يتحول سريعًا إلى سلاحٍ ذو حدين. فبينما يعكس الارتفاع الحالي ثقة أكبر بالاقتصاد، إلا أن أي مفاجآت في بيانات التضخم أو تباطؤ مفاجئ في النمو قد تدفع الأسواق إلى إعادة تقييم مراكزها بسرعة.
فإذا جاءت بيانات التضخم الأمريكية أعلى من التوقعات، فقد يفسرها المستثمرون على أنها إشارة إلى أن البنك المركزي سيضطر إلى تشديد السياسة النقدية مجددًا، مما سيرفع العوائد بشكل حاد ويضغط على الأسهم. أما إذا تباطأ النمو الاقتصادي بسبب الآثار المتبقية من الإغلاق، فقد يفقد المستثمرون شهية المخاطرة ويعودون إلى الأصول الدفاعية.