المحللون يخفّضون توقعاتهم لنهاية العام لعملة البيتكوين مع استمرار التقلبات
تحول في سلوك المستثمرين
يشير بعض المحللين إلى أن هذه المرحلة تمثل نقطة تحوّل في سلوك المستثمرين داخل سوق العملات المشفرة.
فبعد فترة من التفاؤل المفرط، بدأت مؤشرات على عودة الانضباط والانتقائية في اختيار الأصول الرقمية، مع تركيز أكبر على العملات ذات القيمة السوقية العالية والمشاريع ذات الأسس القوية، على حساب ما يُعرف بـ"العملات البديلة طويلة الذيل" (Long-tail alts) التي تتسم بمخاطر أعلى.
هذا التحول قد يكون إيجابيًا على المدى الطويل، لأنه يعزز نضج السوق واستقراره، ويحد من الاعتماد على المضاربات قصيرة الأجل التي كانت تسبّب تقلبات مفرطة في الدورات السابقة.
توقعات أكثر واقعية... ولكن ليست متشائمة
على الرغم من نبرة الحذر السائدة، فإن معظم المحللين لا يتوقعون انهيارًا حادًا في الأسعار.
فبدلاً من ذلك، يرون أن البيتكوين بصدد فترة من التوطيد الأفقي بين 95 و115 ألف دولار، قبل أن تستأنف الاتجاه الصاعد لاحقًا عندما تتحسن الظروف الماكرو اقتصادية ويعود تدفق السيولة إلى الأصول الرقمية.
ويرى خبراء أن قوة الأساسيات طويلة الأجل مثل تبني الشركات والمؤسسات المالية، وتنامي دور البيتكوين كأصل احتياطي في بعض الدول ستظل عوامل داعمة تمنع أي هبوط حاد ومفاجئ.
ما الذي يراقبه السوق حاليًا؟
تركّز أنظار المتداولين على مجموعة من المؤشرات الفنية والمشتقات، أبرزها:
ميل الخيارات (Options Skew) الذي يقيس توازن الطلب بين عقود الشراء والبيع، إذ يعكس حاليًا حذرًا متزايدًا.
الهيكل الزمني للعقود الآجلة (Term Structure) الذي يُظهر مدى استعداد المستثمرين لتحمل المخاطر في الآجال الطويلة.
الفارق بين السعر الفوري والعقود المستقبلية (Spot-to-Futures Basis)، وهو مؤشر على ثقة السوق في استمرار الاتجاه الصاعد.
أي تحسّن في هذه المؤشرات سيُفسَّر على أنه بداية عودة تدريجية للزخم الصعودي وربما مقدّمة لمرحلة استقرار جديدة.
خلاصة المشهد
رغم أن البيتكوين لا تزال تحافظ على مكانتها كأصل رقمي رائد، فإن الطريق نحو قمم جديدة يبدو أكثر تعقيدًا مما كان عليه مطلع العام.
التقلبات، وضغوط السيولة، والغيوم الاقتصادية الكلية كلها عوامل تجعل السوق يسير بخطى أبطأ وأكثر واقعية.
لكن بالنسبة للمستثمرين الذين يؤمنون بالقيمة الجوهرية طويلة الأجل للأصل، فإن هذه المرحلة قد تمثل فرصة لإعادة التموضع والتحضير لموجة الصعود القادمة، عندما تهدأ الأسواق ويعود التفاؤل المؤسسي.
وفي نهاية المطاف، يمكن القول إن البيتكوين يعيش مرحلة نضج ثانية أقل ضجيجًا، لكنها أكثر استدامة، حيث يتراجع الحماس القصير الأجل لصالح بناء قناعة طويلة الأمد بقوة التكنولوجيا والندرة الرقمية.