النفط يتجه لتسجيل ثالث انخفاض شهري متتالٍ وسط وفرة المعروض وضعف الطلب
من جهة أخرى، قد تؤدي الاضطرابات في الإمدادات الناتجة عن النزاعات في الشرق الأوسط أو أي تصعيد في البحر الأحمر إلى دعم الأسعار مؤقتًا، وإن كانت الأسواق حتى الآن تراهن على أن تلك المخاطر لا تزال محدودة في تأثيرها العملي على الإنتاج الفعلي.
ضغوط على المنتجين والتضخم
الانخفاض المستمر في الأسعار يمثل ضغطًا مباشرًا على الدول المنتجة، خصوصًا تلك التي تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط في موازناتها. فمع اقتراب الأسعار من مستويات التكلفة لبعض المنتجين مرتفعي النفقات، قد تبدأ هذه الدول في تقليص الإنتاج أو تأجيل المشاريع الجديدة.
ومع ذلك، فإن تراجع الأسعار ينعكس إيجابًا على الاقتصادات المستوردة للطاقة، إذ يساهم في تخفيف الضغوط التضخمية ويدعم القوة الشرائية للمستهلكين، خاصة في الاقتصادات المتقدمة التي لا تزال تكافح للسيطرة على مستويات الأسعار.
ماذا يراقب المستثمرون الآن؟
تركز الأنظار خلال الأسابيع المقبلة على:
اجتماع أوبك+ في ديسمبر، حيث يُنتظر أن تقدم المنظمة توجيهات بشأن مستويات الإنتاج للربع الأول من عام 2025.
بيانات المخزون الأمريكي الأسبوعية، التي ستوفر مؤشرات دقيقة على حجم الطلب المحلي.
اتجاهات الاقتصاد الصيني ونتائج مؤشرات النشاط الصناعي الجديدة، والتي تشكل مفتاحًا رئيسيًا لتوازن سوق النفط.
حركة فروقات الأسعار بين عقود برنت الآجلة (Brent time-spreads)، التي تعكس مدى شح الإمدادات أو وفرتها في السوق الفعلية.
نظرة مستقبلية حذرة
رغم توقعات بعض المحللين بعودة الأسعار للارتفاع في النصف الثاني من 2025، إلا أن الإجماع في السوق يميل إلى التحفظ، في ظل التحديات المستمرة على جانب الطلب العالمي، والضغوط الناتجة عن الطاقة المتجددة والتحول التدريجي نحو بدائل أقل كربونًا.
ويبدو أن السوق دخلت مرحلة توازن هش بين العوامل الداعمة والضاغطة، حيث تبقى وفرة المعروض العامل الحاكم في الوقت الراهن، مقابل ضغوط الطلب المتذبذب من الصين وأوروبا.
خلاصة
إن استمرار الانخفاض لثلاثة أشهر متتالية يرسل إشارة واضحة بأن سوق النفط تواجه مرحلة تصحيح هيكلي بعد موجة الارتفاعات السابقة. ومع أن الأسعار الحالية قد تبدو منخفضة مقارنة بالسنوات الماضية، فإنها تعكس واقعًا جديدًا يتّسم بكثرة الإنتاج وتراجع النمو العالمي.
وفي الوقت الذي يستفيد فيه المستهلكون من الأسعار المنخفضة، تظل أعين الأسواق متجهة نحو قرارات أوبك+ والبيانات الصينية لتحديد ما إذا كان هذا الاتجاه الهبوطي سيستمر، أم أننا على أعتاب نقطة انعطاف جديدة تعيد التوازن للأسواق العالمية.