العلاقة بين أسواق السلع والبيتكوين: هل نحن أمام دورة تضخمية عالمية جديدة؟

ومضة الاقتصادي

العلاقة بين أسواق السلع والبيتكوين: هل نحن أمام دورة تضخمية عالمية جديدة؟

مع تصاعد أسعار السلع الأساسية (من النحاس والنفط إلى الذهب) إلى جانب صعود ملفت في سوق العملات المشفرة بقيادة بيتكوين، يتساءل المستثمرون وصناع السياسات على حد سواء: هل نعيش بداية دورة تضخمية عالمية تستند إلى إعادة تسعير الأصول الحقيقية والمالية معاً؟ الجواب لا يكمن في عامل واحد؛ بل في تداخل عدد من القوى الماكروية، الهيكلية والتنظيمية التي تشكل معاً بيئة قد تدفع التضخم إلى الظهور بطرق جديدة.

لماذا تبدو هذه الدورة مختلفة عن دورات التضخم السابقة؟

الدورات التضخمية التقليدية ترتبط عادة بارتفاع حاد في الطلب الإقتصادي مقابل قيود عرض قصيرة الأجل، ما يؤدي إلى نمو سريع للأسعار ثم تراجع عندما تخف قوة الطلب أو يزيد العرض. أما دورة 2025–2026 فتمتاز بثلاث سمات مميزة:

أولاً طبيعة العرض: القيود الحالية في سلاسل الإمداد لا تنبع فقط من تقلبات دورية، بل من تغييرات هيكلية: تقلص الاستثمار في مشاريع التعدين والطاقة التقليدية خلال العقد الماضي، متطلبات بيئية أكثر صرامة، وإعادة هيكلة خطوط الإنتاج بعيداً عن الاعتماد على مصدر واحد. هذه القضايا تعني أن استجابة العرض قد تكون بطيئة حتى لو تلاشت ذروة الطلب.

ثانياً دور التحول الطاقي والتقني: الطلب على معادن مثل النحاس والليثيوم ليس مؤقتاً؛ بل يعكس انتقالاً طويل الأمد نحو السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة. هذا الطلب البنيوي يجعل الفجوة بين العرض والطلب أكثر ديمومة مقارنة بصدمات سابقة.

ثالثاً التمدد النقدي والمالي المتفاوت: بعد سياسات تيسير نقدي طويلة، بدأت بعض البنوك المركزية بالمناورة بين خفض تدريجي لأسعار الفائدة ثم التراجع إذا لزم الأمر. وفي وقت واحد، شهدت السنوات الأخيرة تضخماً في ميزانيات الحكومات لمشروعات البنية التحتية والدعم الاقتصادي، ما يخلق تراكباً بين سياسات مالية موجهة وسياسات نقدية متقلبة.

كيف يتقاطع صعود السلع مع صعود البيتكوين؟

الارتباط بين السلع والبيتكوين ليس عاطفياً فقط؛ هناك روابط منطقية:

البيتكوين كأصل تحوطي ضد التضخم: مع تزايد المخاوف من تآكل القوة الشرائية للعملات الورقية، يلجأ بعض المستثمرين إلى الأصول الحقيقية (مثل الذهب والنفط) وأيضاً إلى بيتكوين باعتبارها “ذهباً رقمياً” محتمل. تدفق رؤوس الأموال إلى البيتكوين يمكن أن يتزامن مع زيادة الاستثمارات السلعّية إذا اعتقد المستثمرون أن التضخم سوف يهيمن على الأسواق.

سيولة وفن التحوط المؤسسي: دخول مؤسسات كبرى إلى سوق البيتكوين عبر صناديق أو صكوك مالية يزيد من عمق السوق ويجذب مزيداً من سيولة المحفظات المتنوعة، ما يسمح لصناديق التحوط والمؤسسات بتخصيص جزء من محافظها للسلع أيضاً كحماية أوسع. هذه التحركات المتزامنة قد تعزز أداء الأصول ذاتها.

تم نسخ الرابط