هيئة السلوك المالي البريطانية تصدر مئات التحذيرات ضد منصات العملات المشفرة غير المرخصة في أكتوبر
التحديات التي تواجه الهيئة
رغم الحملة المكثفة، تواجه الـ FCA تحديات كبيرة في التطبيق العملي.
فالكثير من المنصات التي تم التحذير منها تعمل من خارج المملكة المتحدة، وتستخدم مواقع إلكترونية متجددة وعناوين خوادم متعددة لتفادي الحجب أو الملاحقة.
كما تلجأ بعض الشركات إلى تغيير أسمائها أو واجهاتها التجارية بعد كل تحذير، مما يجعل المراقبة مهمة معقدة تتطلب تعاوناً دولياً متزايداً.
كذلك، فإن الانتشار الواسع للتطبيقات اللامركزية (DeFi) يزيد من صعوبة الرقابة، لأن هذه المنصات تعمل عبر عقود ذكية دون كيان إداري يمكن محاسبته قانونياً.
التداعيات على السوق والمستثمرين
للمستثمرين الأفراد: الحملة تمثل تذكيراً صارخاً بضرورة التحقق من ترخيص أي منصة قبل استخدامها. كما توصي الهيئة بعدم إرسال أموال إلى أي شركة لم تظهر ضمن قائمة المسجلين لديها.
للشركات المشفرة: من المتوقع أن تدفع الحملة عدداً من المنصات إلى تسريع عملية الامتثال والتسجيل، خاصة تلك التي ترغب في البقاء بالسوق البريطاني.
للسوق العالمي: تصعيد بريطانيا قد يشكل نموذجاً يُحتذى في أوروبا وآسيا، خصوصاً في ظل رغبة الاتحاد الأوروبي في تطبيق تشريعات "MiCA" الصارمة.
انعكاسات أوسع على مستقبل التنظيم المالي
يُنظر إلى حملة أكتوبر 2025 كعلامة على تحول بريطانيا نحو مرحلة جديدة من الحوكمة المالية الرقمية.
فبعد سنوات من التردد بين التشجيع والتحذير، يبدو أن لندن قررت إرساء قواعد واضحة وصارمة، في إطار سعيها لتكون مركزاً مالياً عالمياً “منظماً وآمناً” في عصر العملات المشفرة.
ويرى مراقبون أن هذا التوجه لا يعني محاربة الابتكار، بل تنظيمه بطريقة تضمن الشفافية والمساءلة. فالهيئة البريطانية تسعى إلى حماية المستهلكين، وفي الوقت نفسه تهيئة بيئة مشروعة للشركات الملتزمة التي ترغب في النمو والاستثمار ضمن إطار قانوني مستقر.
ما الذي يجب مراقبته في المرحلة القادمة؟
مدى تصعيد الـ FCA لإجراءاتها: هل ستكتفي بالتحذيرات، أم ستنتقل إلى فرض غرامات وعقوبات جنائية؟
رد فعل الشركات المتضررة: هل ستسعى للتفاوض والتسجيل الرسمي أم ستغادر السوق البريطاني؟
تفاعل الأسواق الأخرى: هل ستحذو حذو بريطانيا في فرض قيود أكثر صرامة؟
تأثير ذلك على حجم التداول: من المتوقع أن تشهد السوق البريطانية فترة من التباطؤ المؤقت حتى تتضح القواعد الجديدة.
خلاصة
إن حملة هيئة السلوك المالي البريطانية في أكتوبر 2025 تمثل نقطة تحول حاسمة في علاقة الدولة بالقطاع الرقمي المالي.
لقد انتهى زمن التساهل مع المنصات غير المرخصة، وبدأ عهد جديد يقوم على الشفافية، الترخيص، والمساءلة.
لكن في الوقت ذاته، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للتنظيم الصارم أن يحمي المستثمرين دون أن يخنق الابتكار؟
الجواب سيتضح خلال العام المقبل، مع اتساع نطاق التشريعات واتجاه المزيد من الدول إلى دمج الأصول المشفرة في النظام المالي الرسمي.