تباطؤ الحديث عن الرسوم الجمركية في الربع الثاني: تراجع الإشارات في مكالمات أرباح مؤشر S&P 500 بأكثر من 20%
المقدمة: ما الذي يتغير؟
في الربع الثاني من عام 2025، تراجعت بشكل ملحوظ إشارات الشركات المدرجة في مؤشر S&P 500 إلى الرسوم الجمركية خلال مكالمات الأرباح. ووفقًا لبيانات "فاكت ست"، فقد تم ذكر كلمة "رسوم جمركية" أو "رسوم" 361 مرة في مكالمات الأرباح، وهو انخفاض بنسبة 21% مقارنةً بالربع الأول الذي سجل 455 مرة. ورغم هذا التراجع، فإن العدد يبقى ثاني أعلى مستوى خلال السنوات العشر الماضية.
هذا التغير مهم، إذ شكلت الرسوم الجمركية مصدر قلق بارز للشركات لسنوات بسبب تأثيرها على تكاليف التجارة العالمية وسلاسل التوريد والقدرة التنافسية. التراجع الكبير في عدد الإشارات قد يعني أن الشركات أصبحت أكثر اطمئنانًا إلى استقرار السياسات التجارية، أو أن أولويات أخرى تصدرت المشهد.
البيانات وراء الاتجاه
كيف جرى قياس هذا التراجع؟
- استخدمت "فاكت ست" أداة البحث في الوثائق لمراجعة نصوص مكالمات الأرباح. بالنسبة للربع الثاني 2025، تمت مقارنة المكالمات بين منتصف يونيو ومنتصف سبتمبر مع تلك بين منتصف مارس ومنتصف يونيو.
- ورغم التراجع، فإن الـ361 إشارة لا تزال مرتفعة جدًا مقارنة بالمستويات التاريخية، وهي ثاني أعلى مستوى في عشر سنوات. الأعلى كان في الربع الأول.
توزيع القطاعات
لم تذكر جميع القطاعات الرسوم الجمركية بنفس الوتيرة، وبعضها شهد انخفاضًا أكبر من غيره:
- من حيث العدد المطلق، تصدرت القطاعات الصناعية والتكنولوجيا قائمة أكثر القطاعات التي ذكرت الرسوم الجمركية. ويرجع ذلك إلى اعتمادها الكبير على سلاسل التوريد العالمية ومدخلات مستوردة.
- من حيث النسبة المئوية للمكالمات التي تضمنت إشارات إلى الرسوم، جاءت قطاعات السلع الاستهلاكية الأساسية والمواد والصناعات في المقدمة.
- بينما شهدت قطاعات التمويل والعقارات أكبر تراجع في الإشارات مقارنةً بالربع السابق، نظرًا لانكشافها المحدود على التجارة السلعية المباشرة.
أسباب محتملة للتراجع
لماذا أصبحت الشركات تتحدث أقل عن الرسوم الجمركية؟
- استقرار نسبي في السياسة التجارية: مع قلة المفاجآت أو القرارات الجديدة، تضاءلت الحاجة لذكرها.
- تصاعد قضايا أخرى أكثر إلحاحًا: مثل التضخم، تكاليف العمالة، اضطرابات سلاسل التوريد، وأسعار الفائدة. هذه القضايا قد طغت على الرسوم الجمركية في اهتمامات الإدارة.
- تأثيرات الرسوم السابقة أصبحت مستوعبة: حيث تم تضمينها بالفعل في التكاليف والتوقعات المستقبلية، مما يقلل من الحاجة لتكرار الحديث عنها.
التداعيات للمستثمرين وقادة الأعمال
ماذا يعني هذا التحول لمن يتابعون الشركات والأسواق؟
- للمستثمرين: تراجع الإشارات لا يعني اختفاء المخاطر. الرسوم لا تزال قائمة، واحتمالات النزاعات التجارية المفاجئة تظل مصدر قلق.
- للاستراتيجيات التشغيلية: قد تحول الشركات تركيزها من الاستعداد لمخاطر الرسوم إلى إدارة التكاليف الأكثر إلحاحًا مثل الأجور واللوجستيات والطاقة.
- لمراقبي السياسات: استمرار متابعة أي تحركات في السياسات التجارية أمر مهم، لأن أي نزاع جديد قد يعيد الرسوم الجمركية إلى صدارة المشهد.
ما الذي يجب مراقبته لاحقًا؟
للتأكد مما إذا كان هذا مجرد هدوء مؤقت أم تحول هيكلي، من المهم متابعة:
- مكالمات الأرباح للربع الثالث: هل يستمر التراجع أم تعود المخاوف من جديد؟
- التطورات في السياسات التجارية والنزاعات الجيوسياسية: أي قرارات جديدة قد تعيد المخاطر بقوة.
- الضغوط الاقتصادية الكلية الأخرى: التضخم، أسعار الفائدة، وأسعار السلع والعملات.
الخلاصة
إجمالًا: تراجعت الإشارات إلى الرسوم الجمركية في مكالمات أرباح شركات S&P 500 بنسبة 21% في الربع الثاني مقارنةً بالربع الأول، من 455 إلى 361 مرة. ورغم هذا التراجع، فإن المستوى لا يزال مرتفعًا تاريخيًا، ما يعني أن الرسوم لم تخرج تمامًا من دائرة المخاطر، لكنها لم تعد في مقدمة الاهتمامات.
الرسالة الأساسية: ما لا تقوله الشركات أحيانًا يكون بنفس أهمية ما تقوله. تراجع الحديث عن الرسوم قد يعكس تحولًا في الأولويات، لكنه لا يلغي المخاطر الكامنة.