القيمة السوقية للعملات الرقمية تتراجع دون ذروة 2024 والزخم المؤسسي يفقد قوّته
القيمة السوقية للعملات الرقمية تتراجع دون ذروة 2024 والزخم المؤسسي يفقد قوّته
بعد بداية قوية لهذا العام، تعود سوق العملات الرقمية إلى مسار أكثر هدوءاً بل وأكثر حذراً. فقد تراجعت القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة مجدداً إلى ما دون ذروة 2024، في إشارة واضحة إلى أن موجة الحماس التي دفعت الأسعار إلى أعلى مستوياتها منذ عامين أصبحت الآن أمام اختبار صعب. وبينما كانت المؤسسات المالية تشكل المحرك الأكبر للسيولة الجديدة خلال النصف الأول من العام، يبدو أن الزخم المؤسسي بدأ يتباطأ بالفعل، ما زاد من تقلبات السوق وأعاد الخوف من دخول مرحلة ركود سعري ممتد.
ما الذي يقف وراء هذا التحول؟
ليس هناك سبب واحد يفسر هذا التراجع، بل هو مزيج من عدة عوامل تتراكم معاً:
1. ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي
عدم اليقين حول اتجاهات أسعار الفائدة والتضخم يؤثر بشكل مباشر على الأصول ذات الحساسية العالية للمخاطر وفي مقدمتها العملات الرقمية. فكلما ارتفعت احتمالات بقاء الفائدة مرتفعة لفترة أطول، تراجع الإقبال على الأصول التي تعتمد على تدفقات سيولة جديدة لتحقيق نمو في الأسعار.
2. انحسار سردية “العملات الرقمية للجميع”
في 2024، كانت السوق تعيش على موجة تسويقية قوية تقول إن العملات الرقمية أصبحت في طريقها للتبني الجماهيري الواسع. لكن الواقع أكثر تعقيداً: البنية التحتية التنظيمية لا تزال غير مكتملة، والتجربة اليومية للمستخدمين لا تزال بعيدة عن السهولة التي تسمح باعتماد شامل.
3. الضبابية التنظيمية
مع أن العديد من الدول أحرزت تقدماً في وضع أطر قانونية للقطاع، إلا أن الكثير من الأسئلة ما تزال بلا إجابة خصوصاً تلك المتعلقة بضرائب الأصول الرقمية، قوانين KYC وAML، ومعايير اعتماد المحافظ المركزية واللامركزية. هذا الغموض وحده كفيل بإبطاء تدفقات المستثمرين المؤسسيين، الذين لا يتحركون بدون وضوح قانوني كامل.
مخاطر المرحلة المقبلة
التحدي الأكبر الآن هو أن السوق قد تدخل مرحلة طويلة من التحرك الجانبي (range-bound)، أي ضمن نطاق سعري ضيق لا يسمح بنمو قوي ولا يختبر قيعان جديدة. هذا المشهد يزداد احتمالاً إذا لم يعد المستثمرون المؤسسيون بضخ سيولة جديدة.