تضخم منطقة اليورو يتجاوز هدف البنك المركزي الأوروبي ويضغط على آفاق السياسة النقدية

ومضة الاقتصادي

ارتفع التضخم في منطقة اليورو إلى 2.2% في سبتمبر، متجاوزاً الهدف الرسمي للبنك المركزي الأوروبي البالغ 2%، ما يشير إلى أن الضغوط السعرية لم تخرج بعد عن السيطرة. وسجل التضخم الأساسي — الذي يستبعد الغذاء والطاقة — استقراراً عند 2.3%، بينما ارتفع تضخم الخدمات إلى 3.2%، مما يعكس استمرار الضغوط الداخلية على التكاليف في مختلف أنحاء الكتلة.

ارتفاع مفاجئ

توقعت الأسواق أن يبلغ معدل سبتمبر 2.2%، لكن كونه الأعلى منذ أبريل أعاد إشعال النقاش حول ما إذا كان بإمكان البنك المركزي الأوروبي مواصلة التيسير النقدي. لعدة أشهر، تكهن المستثمرون بأن مزيداً من خفض الفائدة قد يكون مطروحاً مع تباطؤ النمو في المنطقة. غير أن هذه البيانات الأخيرة توحي بأن مساحة المناورة لدى البنك قد أصبحت أضيق.

كما تبرز الأرقام التباين بين التضخم الكلي والتضخم الأساسي. ففي حين تواصل أسعار الطاقة والغذاء التأرجح مع التقلبات العالمية، فإن صلابة تضخم الخدمات والتضخم المدفوع بالأجور تشير إلى ضغوط هيكلية أعمق.

لماذا التضخم عالق؟

عدة عوامل تبقي التضخم مرتفعاً في منطقة اليورو:

نمو الأجور: أسواق العمل في عدة دول أعضاء لا تزال ضيقة، مما يدفع الأجور إلى الأعلى ويزيد تكاليف الخدمات.

تقلبات الطاقة: تقلبات النفط العالمية ومخاطر الإمدادات الإقليمية ما زالت تنعكس على فواتير المستهلكين.

الطلب بعد إعادة الفتح: بعض القطاعات مثل السفر والضيافة لا تزال تشهد طلباً قوياً، ما يغذي ارتفاع الأسعار.

تشير هذه الديناميكيات مجتمعة إلى أن خفض التضخم قد يكون أصعب مما كان مأمولاً.

المخاطر أمام البنك المركزي الأوروبي

تُعقّد البيانات الأخيرة مهمة البنك المركزي الأوروبي الحساسة. فمن ناحية، التضخم فوق الهدف يدعو إلى الحذر في أي خطوات تيسيرية إضافية. ومن ناحية أخرى، فإن استمرار السياسة المشددة قد يعرقل النمو في اقتصادات أضعف مثل إيطاليا وإسبانيا.

كما يتعين على البنك التعامل مع أوضاع متباينة داخل منطقة اليورو. ففي حين تكافح ألمانيا تباطؤاً صناعياً، يبقى تضخم الخدمات مرتفعاً في اقتصادات الجنوب. هذا الانقسام الإقليمي يجعل من الصعب صياغة سياسة موحدة للجميع.

التداعيات على الأطراف المعنية

للمستثمرين: ارتفاع التضخم يقلل من احتمالات خفض الفائدة في المدى القريب، ما قد يرفع عوائد السندات الأوروبية. وقد يؤدي ذلك إلى اتساع الفوارق بين الديون السيادية الأساسية والهامشية، مما يختبر استقرار السوق.

للشركات: تواجه الشركات ضغوطاً مستمرة في تكاليف الطاقة والأجور، مما يحد من إمكانات توسيع الهوامش. كما قد تبقى تكاليف التمويل مرتفعة إذا صعدت العوائد أكثر.

للمستهلكين: قد تعاني الأسر من ضغوط متجددة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، خاصة في الخدمات مثل الإيجارات والسفر والضيافة. وتبقى القوة الشرائية مقيدة في كثير من اقتصادات المنطقة.

ما الذي يجب مراقبته لاحقاً؟

بيانات اجتماعات البنك المركزي الأوروبي: ستكون نبرة صانعي السياسة حاسمة — هل يرون الارتفاع في التضخم مؤقتاً أم تحدياً مستمراً؟

التفاصيل على مستوى الدول: بيانات التضخم حسب الدولة ستكشف أين تتركز الضغوط وأين قد يظهر بعض الانفراج.

رد فعل سوق السندات: ارتفاع العوائد واتساع الفوارق سيُظهران إلى أي مدى يتوقع المستثمرون ضغوطاً على الديون السيادية.

التوجيه المستقبلي: أي تغيّر في لغة البنك المركزي بشأن خفض الفائدة أو سياسة الميزانية العمومية قد يعيد تشكيل توقعات السوق.

الخلاصة

تؤكد قراءة سبتمبر ما كان يخشاه كثيرون: الضغوط السعرية في منطقة اليورو لا تزال عالقة، خصوصاً في الخدمات والأجور. وبالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، فإن الطريق إلى الأمام يتطلب موازنة بين الحاجة لكبح التضخم ومخاطر خنق النمو. أما بالنسبة للشركات والمستثمرين والأسر، فالرسالة واضحة: التكاليف المرتفعة والسياسات الحذرة ستظل سمة أساسية لاقتصاد أوروبا مع دخول 2025 ربعه الأخير.

 

تم نسخ الرابط