أسعار النفط ترتد مع عودة مخاوف العقوبات على روسيا وإضافة علاوة مخاطر

ومضة الاقتصادي

 

بعد ثلاثة أيام من التراجع، استعادت أسواق النفط زخمها في 2 أكتوبر، حيث أعاد المتداولون تركيزهم على المخاطر الجيوسياسية وتجدد الطلب من آسيا. ارتفع خام برنت بنسبة 0.57% ليصل إلى 65.72 دولاراً للبرميل، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.55% ليبلغ 62.12 دولاراً. يبرز هذا الارتداد مدى هشاشة معنويات السوق، إذ تتأرجح سريعاً بين مخاوف الإمدادات والشكوك حول الطلب.

توقف في موجة البيع

تعرض النفط لضغوط كبيرة خلال معظم الأسبوع السابق، إذ تراجع بفعل مزيج من ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات بأن أوبك+ قد تزيد الإنتاج بما يصل إلى 500 ألف برميل يومياً. هذا الهبوط دفع برنت لاختبار أدنى مستوياته منذ عدة أسابيع.

التعافي المحدود يوم الثلاثاء كان جزئياً ارتداداً فنياً من مستويات بيع مفرط، لكنه جاء أيضاً مدفوعاً بتزايد الحديث حول العقوبات على روسيا. يدرس المسؤولون الأميركيون والأوروبيون تشديد تطبيق العقوبات على المشترين الذين يستخدمون "أساطيل الظل" أو أساليب التفاف للوصول إلى الخام الروسي. هذا الاحتمال أعاد علاوة المخاطر التي كان المتداولون قد استبعدوها في الأسابيع الأخيرة.

إشارات الطلب من الصين

عزز الارتداد أيضاً وجود أدلة على استمرار الشراء من الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم. فعلى الرغم من المخاوف المستمرة بشأن تباطؤ قطاع العقارات لديها، تواصل بكين تخزين احتياطيات الطاقة مع إرسال إشارات دعم مالي للنمو. وبالنسبة لأسواق السلع، غالباً ما تحدد وتيرة النشاط الصيني اتجاه الأسعار، وقد وفر هذا الشراء دفعة معنوية مهمة لأسعار النفط.

كما أضافت التدفقات المضاربية زخماً إضافياً، حيث عاد صناديق التحوط والمتداولون إلى المراكز الشرائية بعد موجة بيع قاسية. ويؤكد هذا التداخل بين الجغرافيا السياسية والطلب الكلي والتموضع الفني سبب تداول النفط عادة بتقلبات أكبر من معظم فئات الأصول الأخرى.

معادلة التوازن: أوبك+ مقابل العقوبات

السؤال الرئيسي التالي هو ما إذا كانت أوبك+ ستُقدم بالفعل على زيادة الإنتاج. فزيادة بمقدار 500 ألف برميل يومياً قد تعوّض تأثير تشديد العقوبات على روسيا، ما يجعل صدمة الإمدادات شبه محايدة. لكن المجموعة تسير على خط رفيع: زيادة المعروض بشكل مفرط قد يضغط على الأسعار، بينما حجب الإمدادات قد يعني خسارة حصة سوقية لصالح المنافسين.

وفي الوقت نفسه، لا تُبدي روسيا أي ميل لخفض التدفقات طوعياً. بل قد تحاول إعادة توجيه الشحنات إلى مشترين بديلين، ما يعقّد جهود التنفيذ. أما بالنسبة لصانعي السياسات الغربيين، فالتحدي يكمن في ضمان فعالية العقوبات من دون دفع تكاليف الطاقة العالمية إلى الارتفاع — وهو توازن سياسي حساس.

مخاطر كامنة تحت السطح

متانة هذا الارتداد بعيدة عن أن تكون مضمونة. وهناك ثلاثة مخاطر رئيسية:

عبء أوبك+: إذا رفعت المجموعة الإنتاج بشكل كبير، قد تطغى هذه الزيادة على المكاسب الأخيرة.

ضعف الطلب: مؤشرات تباطؤ النمو العالمي، خاصة في أوروبا، قد تثقل على الاستهلاك.

ضغط المخزونات: ارتفاع المخزونات الأميركية من الخام والمنتجات المكررة يشير إلى أن المعروض لا يزال يتفوق على الطلب في الأجل القريب.

كل عامل من هذه العوامل قد يحد من الارتداد أو يعكسه، مما يُبقي النفط في نطاق تداول ضيق ومتقلب.

التداعيات على الشركات والمستهلكين

بالنسبة للمنتجين upstream وأسهم الطاقة، يمنح الارتداد متنفساً يساعد في استقرار الهوامش والأسعار بعد فترة مضطربة. كما قد يستفيد المكررون والمتداولون من التقلبات المتزايدة التي تعزز عادة حجم التداول وأنشطة التحوط.

لكن بالنسبة للمستهلكين والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، فالصورة أقل إيجابية. حتى الزيادات الطفيفة في الأسعار تتغلغل عبر النقل والتصنيع وميزانيات الأسر. كما أن التقلبات تزيد من تعقيد التخطيط لشركات الطيران والشحن واللوجستيات.

وعلى صعيد السياسات، يتعين على الحكومات الموازنة بين الأثر التضخمي لارتفاع أسعار الطاقة وبين الضرورة الجيوسياسية لتشديد العقوبات على روسيا. أما بالنسبة للأسواق الناشئة المعتمدة على استيراد الوقود، فالمخاطر أكبر بكثير.

ما الذي ينتظر الأسواق؟

قرارات اجتماع أوبك+: أي قرار إنتاجي سيحدد السقف أو القاع للأسعار في المدى القريب.

بيانات المخزونات الأسبوعية: تقارير إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA) ومعهد البترول الأميركي (API) ستوضح ما إذا كانت المخزونات تواصل الارتفاع.

تنفيذ العقوبات: مراقبة إعلانات واشنطن وبروكسل بشأن آليات التنفيذ.

اتجاهات الطلب الصيني: استمرار قوة الواردات قد يبقي الأسعار مدعومة، فيما أن أي تباطؤ سيقوّض الدعم سريعاً.

الخلاصة

ارتداد النفط يوم الثلاثاء يذكّر بأن الأسواق تبقى أسيرة الجغرافيا السياسية بقدر ما هي رهينة العوامل الاقتصادية. وبينما منحت مخاطر العقوبات الروسية والشراء الصيني الأسعار دفعة مؤقتة، فإن الصورة الأساسية ما زالت قائمة على توازن هش. بالنسبة للشركات والمستثمرين والأسر، الرسالة واضحة: النفط قد يكون رخيصاً هذا الأسبوع وغالياً في الأسبوع التالي، لكن التقلب سيبقى السمة الثابتة.

تم نسخ الرابط