النظام البريطاني لتنظيم العملات المستقرة يثير احتكاكاً مع الصناعة: اختبار حقيقي لنمو الأصول الرقمية

ومضة الاقتصادي

النظام البريطاني لتنظيم العملات المستقرة يثير احتكاكاً مع الصناعة… اختبار حقيقي لنمو الأصول الرقمية

تشهد الساحة المالية في المملكة المتحدة نقاشاً حاداً بعد إعلان السلطات عن إطار تنظيمي جديد خاص بالعملات المستقرة. فبينما تُصر الحكومة وبنك إنجلترا على أن القواعد المقترحة ستدعم “الاستقرار والموثوقية” للأصول الرقمية، ترى شركات التشفير أن التشدد التنظيمي قد يحد من قدرة البلاد على المنافسة عالمياً، بل ويهدد بتفكيك سلاسل القيمة الخاصة بالعملات المستقرة.

هذه المواجهة تُعد اختباراً مهماً لطموح المملكة المتحدة بأن تصبح مركزاً عالمياً للأصول الرقمية والبلوكشين.

لماذا يثير النظام الجديد كل هذا الجدل؟

جوهر الخلاف ليس في التنظيم ذاته، بل في حدود الحيازات ومتطلبات الاحتياطيات والرقابة على المُصدرين النظاميين. فوفق المقترح:

يلتزم مُصدرو العملات المستقرة النظاميون بالاحتفاظ بجزء كبير من الاحتياطيات في أصول عالية الأمان مثل الديون الحكومية البريطانية قصيرة الأجل.

قد تُفرض حدود قصوى على الأفراد والشركات فيما يتعلق بحجم الحيازات.

ستُطبق قواعد صارمة حول آليات الاسترداد، وإدارة السيولة، والامتثال المالي.

هذا النهج يهدف، بحسب الجهات التنظيمية، إلى منع تكرار حالات الانهيار التي شهدها عالم التشفير في السنوات الأخيرة، والتي أثرت بشكل مباشر على الأسواق والمستثمرين.

لكن الصناعة ترى أن المملكة المتحدة تُبالغ في الحرص إلى درجة قد تُضعف جاذبية سوقها.

الصناعة ترد: “الابتكار لن ينمو في بيئة مقيدة”

ترى الشركات الناشئة ومُصدرو العملات المستقرة أن النظام المقترح قد يخلق عدة مشكلات:

1) انتقال المُصدرين خارج المملكة المتحدة

إذا أصبحت القواعد مقيدة أكثر من اللازم مقارنة بمناطق مثل أوروبا (MiCA) أو سنغافورة، ستختار الشركات الانتقال إلى أسواق أكثر مرونة.

2) تفكك سلاسل القيمة

قد تجد الشركات نفسها مضطرة لتقديم إصدارات مختلفة من العملات المستقرة لكل سوق، مما يرفع التكلفة ويحد من الكفاءة والمنافسة.

3) تقييد الابتكار

النظام الجديد قد يعرقل تطوير حلول الدفع الرقمية، ومنتجات التمويل اللامركزي، وحتى التطبيقات التي تعتمد على العملات المستقرة للتسوية الفورية.

4) عدم اتساق عالمي

في ظل غياب إطار عالمي موحد، قد يؤدي التنظيم البريطاني إلى خلق حالة من “التشويش التنظيمي”، حيث تختلف القواعد من بلد لآخر، ما يعقّد عمليات الامتثال ويُبطئ الابتكار.

وبالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة، قد تكون تكلفة الالتزام أكبر من قدرتها، مما يفتح الباب أمام سيطرة الشركات الكبرى فقط.

لماذا يتحرك المنظمون بهذه السرعة؟

من منظور بنك إنجلترا والجهات الرقابية، هناك عدة أسباب تجعل تنظيم العملات المستقرة ضرورة ملحة:

1) حماية الاستقرار المالي

مع توسع استخدام العملات المستقرة في المدفوعات، يصبح انهيار أي مُصدر كبير خطراً على النظام المالي بأكمله.

2) منع عمليات “الركض على العملة”

إذا فقدت إحدى العملات المستقرة ارتباطها بالعملة الورقية، قد تندفع أعداد ضخمة من المستخدمين للاسترداد، ما يخلق اضطرابات شبيهة بالأزمات المصرفية.

تم نسخ الرابط