النفط ومؤشرات السلع تحافظ على استقرارها مع حالة هدوء حذر في الأسواق العالمية
النفط ومؤشرات السلع تحافظ على استقرارها مع حالة هدوء حذر في الأسواق العالمية
رغم التقلّبات العالمية في أسواق المال، يواصل النفط ومعه معظم مؤشرات السلع التحرك في نطاقات ضيقة، دون اختراقات واضحة صعوداً أو هبوطاً. هذا الاستقرار رغم هدوئه الظاهري يخفي وراءه الكثير من الديناميكيات العميقة، إذ يعكس مزيجاً من الضغوط المتبادلة بين قوى العرض والطلب، إلى جانب حالة ترقّب شديدة لدى المستثمرين مع غياب محفّزات كبرى تعيد التوازن أو تغيّر الاتجاه.
خلفية المشهد: لماذا تبدو أسواق السلع “هادئة”؟
الهدوء الحالي لا يعني أن السوق في وضع مريح؛ بل يعكس توازناً مؤقتاً بين محفّزات متضاربة:
تباطؤ الطلب العالمي
اقتصادات كبرى مثل الصين، أوروبا وبعض أسواق آسيا تمرّ بمرحلة تباطؤ اقتصادي، ما يؤثر مباشرة على استهلاك النفط والمعادن والسلع الصناعية.
كما أن دورة التشديد النقدي التي قادها الاحتياطي الفيدرالي لا تزال تترك بصمتها على الشركات والمستهلكين، حيث تزداد تكلفة الاقتراض وينخفض النشاط الصناعي.
محدودية الاضطرابات في الإمدادات
على الرغم من وجود توترات جيوسياسية وتحديات لوجستية، إلا أن الإمدادات لم تتعرض لهزات كبيرة في الأسابيع الأخيرة.
كما أن الخطط الإنتاجية لدى دول “أوبك+” بقيت ضمن الأطر المتوقعة، دون إعلانات مفاجئة بخفض أو رفع حاد للإنتاج.
المستثمرون ينتظرون “الدافع الكبير”
أسواق السلع عادة تحتاج إلى محفّز قوي مثل اضطراب كبير في الإمدادات أو تغيرات مفاجئة في الطلب لتنطلق في اتجاه واضح.
لكن حالياً، كل المحفّزات تتوازن تقريباً، لذلك بقيت الأسعار شبه مستقرة.
النفط: توازن دقيق بين مخاوف الطلب ومخاطر الإمدادات
أسعار النفط تتحرك ضمن نطاق محدود، في ظل تفاعل السوق مع ثلاثة محاور رئيسية:
1) الطلب العالمي: تعافٍ بطيء بلا زخم
النمو الاقتصادي في الصين لم يستعد سرعته الكاملة.
أوروبا تعاني من ضغوط التضخم والركود الجزئي.
الولايات المتحدة تشهد تباطؤاً محدوداً في الإنفاق الصناعي.
هذا يعني أن الطلب على النفط ينمو، لكن بوتيرة منخفضة لا تدفع الأسعار إلى اختراق مستويات أعلى.
2) الإمدادات مستقرة نسبياً
رغم بعض القلق من الإنتاج في مناطق مضطربة، إلا أن الإمدادات من “أوبك+” والدول الكبرى بقيت ضمن المتوقع، دون إعلان تغييرات كبيرة.
3) ضغوط الأسواق المالية
أي ارتفاع في الدولار أو العوائد الأميركية يمكن أن يضغط على أسعار النفط بشكل غير مباشر، لأن النفط مقوّم بالدولار.
السلع الصناعية والمعادن: ثبات بلا توجّه
الأسواق الخاصة بالنحاس، الحديد، الألومنيوم وغيرها من المعادن الصناعية تشهد أيضاً حالة من الترقّب المشوب بالحذر.
تباطؤ قطاع الصناعات التحويلية
التحليل الشائع يقول إن الصناعات التحويلية العالمية وخاصة في الصين لم تعد إلى مستوياتها الثقيلة بعد، ما يحدّ من الطلب على المعادن.