السلع الأساسية مستقرة لكن إشارات العرض والطلب لا تزال حذرة
السلع الأساسية مستقرة لكن إشارات العرض والطلب لا تزال حذرة
تعيش أسواق السلع الأساسية حالة من الاستقرار الحذر، إذ لم تظهر حتى الآن تحركات قوية في أسعار النفط أو الذهب أو المعادن، بينما تواصل الأسواق مراقبة مؤشرات الطلب العالمي والإمدادات المتاحة بعين القلق.
ورغم أن غياب التقلبات الحادة يبدو في ظاهره مؤشراً إيجابياً، إلا أن المحللين يحذرون من أن هذا الهدوء قد يكون مؤقتاً، مع استمرار حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، وتضارب الإشارات القادمة من الأسواق الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة.
خلفية المشهد: دعم محدود وطلب متردد
في الأسابيع الأخيرة، حافظت أسعار النفط والمعادن الثمينة على نطاق تداول ضيق، في ظل توازن هش بين قوى العرض والطلب.
فمن جهة، يدعم تراجع المخزونات الأميركية جزئياً أسعار النفط، إلى جانب استمرار تخفيضات الإنتاج من قبل تحالف أوبك+. ومن جهة أخرى، يقف ضعف الطلب الصناعي العالمي كحاجز أمام أي ارتفاع كبير، خاصة مع تباطؤ النمو في أوروبا وتراجع واردات الصين من الطاقة والمعادن.
أما الذهب، فيواصل التحرك قرب مستويات مرتفعة نسبياً بفضل استمرار الطلب على الملاذات الآمنة، لكنه لم يشهد اندفاعاً جديداً نحو الصعود، نظراً لتحسن شهية المخاطرة في بعض فترات التداول، وارتفاع العوائد على السندات الأميركية الذي يحد من جاذبيته كأصل استثماري.
هذه المعادلة تُبرز ما يمكن وصفه بـ “مرحلة الترقب الجماعي” في أسواق السلع، حيث لا المتداولون ولا المنتجون يرغبون في المجازفة قبل اتضاح اتجاه الاقتصاد العالمي والسياسات النقدية الرئيسية.
المحركات الأساسية: اقتصاد هش وسلاسل إمداد متقلبة
تعتمد حركة السلع حالياً على عاملين رئيسيين:
الأول هو الطلب العالمي الفعلي، الذي لا يزال متأثراً بضعف الاستهلاك الصناعي وارتفاع تكاليف التمويل. فالكثير من الشركات في أوروبا وآسيا تقلص إنتاجها أو تؤجل توسعاتها بسبب ارتفاع الفائدة وتراجع الطلب الخارجي.
أما العامل الثاني فهو العرض والإمدادات، حيث تتجه بعض الدول المنتجة إلى زيادة إنتاجها لتعويض تراجع الأسعار، في حين تحاول أخرى الحفاظ على انضباط الإنتاج لتفادي انهيار الأسواق. هذه اللعبة الدقيقة بين المنتجين والمستهلكين تخلق حالة من التوازن المؤقت، لكنها أيضاً تجعل السوق عرضة لتقلبات مفاجئة إذا ما حدث أي خلل في أحد الطرفين.
وفي قطاع المعادن، لا تزال الأسواق تترقب الإشارات القادمة من الاقتصاد الصيني، أكبر مستهلك للمعادن في العالم. أي تحسن في بيانات البناء أو التصنيع هناك يمكن أن يعيد إشعال الطلب العالمي بسرعة، بينما قد يؤدي استمرار الضعف إلى مزيد من التراجع في الأسعار.