تراجع الذهب من مستوى قياسي مع صعود الدولار والمتداولون يجنون الأرباح مع نهاية الشهر
مخاطر محتملة في الأفق
لا يخلو المشهد من المخاطر. فإذا واصل الدولار الأمريكي ارتفاعه في الأشهر المقبلة بدعم من بيانات اقتصادية قوية أو موقف أكثر تشددًا من الاحتياطي الفيدرالي، فقد يواجه الذهب موجة ضغط جديدة تدفعه نحو مستويات أدنى على المدى القصير.
كذلك، فإن أي زيادة في تدفقات الخروج من صناديق الذهب المتداولة في البورصة (ETFs) قد تساهم في تقليص الطلب الاستثماري، خصوصًا من جانب المؤسسات المالية.
لكن على الجانب الآخر، فإن أي إشارة إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي أو ميل الفيدرالي نحو التيسير النقدي يمكن أن تعيد الزخم الصعودي سريعًا، إذ ستؤدي إلى تراجع الدولار وانخفاض العوائد الحقيقية وهما العاملان الأكثر دعمًا للذهب عادةً.
استمرار جاذبية الذهب كملاذ آمن
على المدى الطويل، لا تزال الصورة إيجابية بالنسبة للمعدن الأصفر. فمع تصاعد المخاطر المالية العالمية، وتزايد الحديث عن الديون السيادية المرتفعة في الولايات المتحدة وأوروبا، وعودة الطلب القوي من البنوك المركزية لزيادة احتياطياتها من الذهب، يبقى الاتجاه العام داعمًا للصعود.
وتشير بيانات مجلس الذهب العالمي إلى أن البنوك المركزية حول العالم اشترت كميات ضخمة من الذهب خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، في محاولة لتنويع احتياطياتها وتقليل اعتمادها على الدولار. هذه المشتريات المؤسسية تُشكّل دعمًا هيكليًا للأسعار وتحدّ من أي تصحيح حاد.
ما الذي يجب مراقبته في المرحلة المقبلة؟
تتركز أنظار المستثمرين الآن على البيانات الاقتصادية الأمريكية المقبلة، بما في ذلك تقارير الوظائف والتضخم، إلى جانب تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي التي قد تُعطي مؤشرات حول توقيت أول خفض محتمل للفائدة.
كذلك، ستُراقب الأسواق عن كثب تدفقات صناديق الذهب العالمية (ETFs)، والتي تُعد مقياسًا مباشرًا لمدى إقبال المستثمرين الكبار على المعدن.
أيضًا، سيبقى تطور الأوضاع الجيوسياسية عاملاً رئيسيًا في تحديد الاتجاه، حيث يُتوقع أن تستمر التوترات في مناطق متعددة من العالم في تعزيز الطلب على الذهب كملاذ آمن.
الخلاصة
يمكن القول إن التراجع الأخير في أسعار الذهب يمثل تصحيحًا صحيًا ضمن مسار صاعد طويل الأمد. فمع بقاء التضخم في مستويات مرتفعة نسبيًا، واستمرار تقلبات العملات، وتزايد المخاطر السياسية، يظل الذهب خيارًا جذابًا للتحوط وتنويع المحافظ الاستثمارية.
ورغم أن صعود الدولار قد يبطئ الزخم مؤقتًا، فإن العوامل الأساسية من الطلب المركزي إلى المخاوف المالية العالمية تدعم الرؤية القائلة بأن الذهب ما زال في بداية دورة ارتفاع جديدة قد تمتد حتى العام المقبل.