تراجع التضخم في منطقة اليورو إلى 2.1% في أكتوبر واستطلاع البنك المركزي الأوروبي يشير إلى مسار معتدل قريب من الهدف

ومضة الاقتصادي

توازن دقيق في السياسة النقدية

بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، تمثل هذه البيانات نقطة توازن حساسة. فمن ناحية، يدعم تباطؤ التضخم الإبقاء على معدلات الفائدة الحالية دون رفع جديد، خصوصًا بعد حملة التشديد السريعة التي استمرت أكثر من عام وأثرت على النمو والائتمان. ومن ناحية أخرى، لا يمكن للبنك إعلان النصر بعد، فخطر عودة التضخم أو الانحراف نحو الانكماش ما زال قائمًا.

ولهذا، تتبنى الأسواق الآن رؤية تفيد بأن البنك المركزي الأوروبي سيحافظ على سياسة “التريث” لفترة أطول، مع تأجيل أي تخفيض للفائدة إلى ما بعد منتصف عام 2025. كما تشير توقعات السوق إلى أن احتمالات خفض الفائدة في عام 2026 أصبحت أقل بعد صدور بيانات أكتوبر.

ماذا تعني هذه التطورات للأسواق والمستثمرين؟

استمرار التضخم قرب هدف البنك المركزي الأوروبي يعدّ خبرًا إيجابيًا لأسواق السندات، إذ يقلل من احتمالات رفع الفائدة مجددًا. كما أن استقرار الأسعار يدعم القطاع الاستهلاكي الأوروبي الذي عانى من تراجع القوة الشرائية خلال العامين الماضيين.

في المقابل، قد تواجه الشركات العاملة في قطاع الخدمات تحديات في الحفاظ على هوامش أرباحها إذا تباطأت الأسعار بسرعة أكبر من نمو الأجور. لكن الصورة العامة تبقى مشجعة، حيث تشير البيانات إلى أن منطقة اليورو تقترب من تحقيق هبوط ناعم أي السيطرة على التضخم دون الوقوع في ركود اقتصادي.

ما الذي يجب مراقبته بعد ذلك؟

سيكون التركيز القادم على اجتماع البنك المركزي الأوروبي في ديسمبر، حيث سيقيّم المجلس التنفيذي آخر البيانات الخاصة بالأجور والإنفاق الاستهلاكي قبل اتخاذ أي قرار بشأن السياسة النقدية. كما ستتابع الأسواق عن كثب البيانات الشهرية للأجور في الربع الرابع، باعتبارها العامل الأهم في تحديد مسار التضخم المستقبلي.

في الوقت الحالي، تعطي المؤشرات الاقتصادية انطباعًا واضحًا بأن المنطقة بدأت تستعيد توازنها المالي والنقدي بعد صدمات متتالية منذ عام 2020. وإذا ما تمكن البنك المركزي من الحفاظ على هذا المسار دون تشديد مفرط، فقد تكون أوروبا على أعتاب مرحلة استقرار مستدام تمتد حتى منتصف العقد الحالي.

تم نسخ الرابط