تراجع حاد في أسعار الذهب بعد موجة ارتفاع قوية مؤشّر على إعادة تقييم علاوة الملاذ الآمن
تراجع حاد في أسعار الذهب بعد موجة ارتفاع قوية مؤشّر على إعادة تقييم علاوة الملاذ الآمن
شهدت أسواق السلع العالمية خلال الأسبوع الثالث من أكتوبر 2025 تراجعًا حادًا في أسعار الذهب، بعد موجة ارتفاع قوية استمرت لأشهر ودفعت المعدن الأصفر إلى أعلى مستوياته منذ عام 2020.
ووفقًا لتقرير صادر عن وكالة رويترز في 22 أكتوبر 2025، فقد هبطت أسعار الذهب بشكل حاد مع قيام المستثمرين بعمليات جني أرباح واسعة عقب صعود كبير خلال الأشهر الماضية، في وقت يسود فيه الحذر على خلفية تقلّبات الأسواق وتبدّل شهية المخاطرة.
من الصعود التاريخي إلى التراجع المفاجئ
كان الذهب قد شهد منذ مطلع العام قفزة استثنائية تجاوزت فيها أسعاره مستويات 2,400 دولار للأونصة، مدعومًا بموجة شراء ضخمة من المستثمرين والمؤسسات المالية الباحثة عن الأمان وسط اضطرابات جيوسياسية ومخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي.
لكن مع تحسن طفيف في مزاج الأسواق العالمية وتراجع الطلب على الملاذات الآمنة، بدأ المستثمرون بإغلاق مراكزهم المربحة والانتقال إلى الأصول الأكثر مخاطرة، ما أدى إلى انخفاض الذهب بأكثر من 5% في جلسة واحدة — وهي من أكبر التراجعات اليومية خلال عام 2025.
الأسباب وراء التراجع
يرى المحللون أن حركة الأسعار الأخيرة لا تعكس انهيارًا في الطلب على الذهب بقدر ما تشير إلى إعادة تسعير مؤقتة للمخاطر.
هناك ثلاثة عوامل رئيسية تفسر هذا الهبوط:
تحسّن طفيف في شهية المخاطرة:
بعد استقرار نسبي في مؤشرات الأسهم العالمية، اتجه بعض المستثمرين إلى تقليص حيازاتهم من الذهب، معتبرين أن الوقت مناسب لجني الأرباح قبل موسم الأرباح الأميركية.
قوة الدولار الأميركي وارتفاع العوائد الحقيقية:
الارتفاع في عوائد السندات الأميركية والدولار القوي يقللان من جاذبية الذهب كأصل لا يدر عائدًا، مما يدفع بعض الصناديق إلى إعادة توزيع محافظها نحو الأصول النقدية أو السندات القصيرة الأجل.
غياب محفزات جديدة للمخاطر الجيوسياسية:
رغم بقاء التوترات العالمية قائمة، فإن تأجيل بعض القمم السياسية الكبرى وتراجع التصعيد في بؤر محددة منح الأسواق فسحة مؤقتة من الهدوء.
بين الملاذ الآمن والمضاربة
يصف خبراء الأسواق هذا التراجع بأنه تصحيح صحي بعد ارتفاع مفرط، وليس بالضرورة بداية لاتجاه هابط طويل الأمد.
فالذهب لا يزال يحتفظ بدوره كـ"تأمين" ضد الأزمات، لكن من الطبيعي أن تتبدل مراكز المستثمرين في فترات الهدوء النسبي.
ويؤكد بعض المحللين أن ما يحدث هو إعادة تقييم لعلاوة الملاذ الآمن التي ارتفعت أكثر من اللازم خلال الربعين الماضيين. ومع عودة الأسواق إلى درجة من الاستقرار، يجري الآن خفض تلك العلاوة تدريجيًا لتتوافق مع مستويات المخاطر الفعلية.