التحذير من مجلس الاستقرار المالي: ثغرات كبيرة في تنظيم العملات المشفّرة مع تضاعف السوق إلى 4 تريليونات دولار
التحذير من مجلس الاستقرار المالي: “ثغرات كبيرة” في تنظيم العملات المشفّرة مع تضاعف السوق إلى 4 تريليونات دولار
في تقرير حديث أصدره مجلس الاستقرار المالي (FSB) الجهة التابعة لمجموعة العشرين والمسؤولة عن مراقبة المخاطر المالية العالمية حذّر الخبراء من وجود “ثغرات كبيرة ومستمرة” في الإطار التنظيمي العالمي للعملات المشفّرة، رغم تضاعف قيمة السوق لتصل إلى نحو 4 تريليونات دولار أمريكي. التقرير أشار إلى أن نمو هذا القطاع بوتيرة سريعة يتجاوز قدرة الأنظمة التنظيمية على المتابعة، مما يهدد الاستقرار المالي العالمي إذا لم تُتخذ إجراءات منسّقة وسريعة.
نمو هائل وتفاوت تنظيمي خطير
وفق التقرير، تشكل العملات المستقرة (Stablecoins) ما يقارب 290 مليار دولار من إجمالي السوق، ومع ذلك لا تزال العديد من الدول تفتقر إلى أطر تشريعية متكاملة تنظم إصدارها أو التعامل بها. وأشار التقرير إلى أن بعض البلدان، مثل السلفادور، لا تزال تعمل خارج الإطار التنظيمي الكامل، مما يخلق بيئة مثالية لما يسمى بـ"التحكيم التنظيمي" حيث تنتقل الشركات إلى الدول ذات القواعد الأكثر تساهلًا.
يقول المجلس إن تضارب التشريعات الوطنية وتفاوت معايير الشفافية والإفصاح بين الدول يجعل من الصعب مراقبة تدفقات الأموال عبر الحدود أو تقييم المخاطر النظامية المحتملة. ومع ظهور تقنيات جديدة مثل التمويل اللامركزي (DeFi) والبروتوكولات متعددة السلاسل (Cross-Chain Protocols)، أصبحت عملية الإشراف أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
مخاوف من انتقال المخاطر إلى النظام المالي التقليدي
أحد أبرز المخاوف التي عبّر عنها التقرير هو أن الترابط المتزايد بين المؤسسات المالية التقليدية والقطاع الرقمي قد يجعل أي صدمة كبيرة في أسواق العملات المشفرة قادرة على التأثير على النظام المالي الأوسع. ومع توسع استخدام العملات الرقمية في مجالات الحفظ، والإقراض، وإدارة الأصول، ترتفع احتمالية العدوى المالية في حال حدوث انهيار مفاجئ في السوق أو فقدان الثقة في أحد الأصول الرقمية الكبرى.
كما حذّر المجلس من أن الرافعة المالية المفرطة في بعض الأسواق المشفّرة، إلى جانب غياب قواعد كافية للسيولة أو رأس المال الاحتياطي، قد تخلق نقاط ضعف مماثلة لتلك التي تسببت بأزمات مالية سابقة في النظام المصرفي العالمي.
سباق بين الابتكار والتنظيم
من جهة أخرى، يرى خبراء أن المشكلة ليست في الابتكار نفسه، بل في بطء الأنظمة التنظيمية في مواكبة التطورات التقنية. فالتقنيات الجديدة في مجال العملات المشفّرة والتمويل اللامركزي تتغير بسرعة تفوق قدرة الجهات التنظيمية على استيعابها ووضع معايير لها. وبينما تركز بعض الدول على دعم الابتكار لتشجيع الاستثمارات، تفضّل دول أخرى التشديد والحد من المخاطر، مما يؤدي إلى تجزئة السوق العالمي وتضارب السياسات.
هذا التباين يُنتج بيئة غير مستقرة؛ فالشركات والمستثمرون قد يختارون التحرك نحو ولايات قضائية أقل صرامة، مما يقوض الجهود العالمية لضمان الشفافية والمساءلة.