بيتكوين تحوم بين 115 و117 ألف دولار مع ترقب المستثمرين لقرار الفيدرالي
بيتكوين تحوم بين 115 و117 ألف دولار مع ترقب المستثمرين لقرار الفيدرالي
خلال الأيام الأخيرة، واصلت عملة البيتكوين تداولها في نطاق ضيق يتراوح بين 115 ألفًا و117 ألف دولار أمريكي، وهو مستوى يعكس حالة من الترقب والحذر في أسواق المال العالمية. فالمستثمرون الكبار والصغار على حد سواء باتوا يترقبون قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، إلى جانب ما سيصرح به رئيسه جيروم باول حول مستقبل السياسة النقدية.
هذه الأجواء المليئة بالانتظار جعلت تحركات البيتكوين محدودة نسبيًا، إذ لم تسجل قفزات كبيرة أو تراجعات حادة، وإنما بقيت محصورة بين مستويات دعم ومقاومة واضحة، بانتظار ما قد يشكل الشرارة لتحديد الاتجاه القادم.
لماذا الأسواق في حالة حذر؟
السبب الرئيسي وراء هذه الحذر يعود إلى التوقعات بشأن خفض الفائدة. كثير من المتداولين يتوقعون أن يقوم الفيدرالي بخفض طفيف بمقدار 25 نقطة أساس، وهو خفض قد يكون إشارة إلى بداية دورة تيسير نقدي أوسع. وحتى إن لم يحدث الخفض بشكل فوري، فإن أي تلميح من باول حول تبني نهج أكثر مرونة سيُترجم فورًا في أسعار الأصول عالية المخاطر مثل البيتكوين.
لكن في المقابل، تبقى هناك عوامل تضغط على التفاؤل. فالتضخم لم يُحسم بعد بشكل كامل، وسوق العمل الأمريكي لا يزال يُظهر قوة ملحوظة، ما قد يجعل الفيدرالي أكثر تحفظًا في اتخاذ قراراته. إضافة إلى ذلك، هناك مخاوف مرتبطة بالتجارة العالمية والرسوم الجمركية قد تضعف الرغبة في المخاطرة.
الصورة الفنية: مستويات حرجة للبيتكوين
من الناحية التقنية، هناك مستويان أساسيان يراقبهما المتداولون:
المقاومة: تقع بين 117,500 و118,500 دولار، واختراقها صعودًا قد يفتح المجال أمام البيتكوين لاختبار قمم سابقة وربما السعي نحو أرقام تاريخية جديدة.
الدعم: يتراوح بين 114,000 و116,000 دولار، وكسر هذا النطاق قد يدفع البيتكوين إلى هبوط أعمق نحو 110,000 دولار وربما أقل.
هذا التوازن بين الدعم والمقاومة يعكس بدقة حالة الانتظار والترقب التي يعيشها السوق.
إشارات من أسواق المشتقات
أسواق الخيارات والمشتقات تعكس بوضوح الحذر السائد. فهناك ارتفاع في الإقبال على خيارات البيع (Puts) مقارنة بخيارات الشراء (Calls)، ما يشير إلى رغبة المستثمرين في التحوط من أي هبوط محتمل.
لكن في الوقت ذاته، تظهر البيانات أن الحيتان وكبار المتداولين لا يزالون يفتحون مراكز شراء جديدة، مع الاحتفاظ بأدوات حماية تحسبًا لأي تراجعات. هذا المزيج يعكس المزاج المزدوج للسوق: تفاؤل طويل الأمد، لكن مع حذر شديد على المدى القصير.
ماذا يمكن أن يغير المعادلة؟
كل الأنظار تتجه الآن إلى قرار الفيدرالي وما سيقوله باول:
حجم الخفض: هل سيكون هناك خفض فعلي الآن؟ وإن كان، فهل سيكتفي الفيدرالي بـ 25 نقطة أساس أم يلمح إلى خطوات إضافية لاحقًا؟
التوجيه المستقبلي: حتى الكلمات التي يستخدمها باول ستكون ذات أثر كبير. مجرد التلميح إلى تبني مسار أكثر مرونة في السياسة النقدية قد يُطلق موجة شراء قوية في أسواق العملات الرقمية.
البيانات الاقتصادية: أي أرقام جديدة حول التضخم أو قوة سوق العمل ستؤثر مباشرة على قرارات الفيدرالي، وبالتالي على مسار البيتكوين.
السيناريوهات المحتملة
السيناريو الصعودي: الفيدرالي يخفض الفائدة أو يلمح بقوة لذلك (البيتكوين تخترق مستوى 118 ألفًا) قد نشهد اندفاعًا نحو قمم جديدة.
السيناريو المحايد: الفيدرالي يتخذ خطوة صغيرة أو يثبت الفائدة (البيتكوين تظل محصورة بين 114 و118 ألف دولار) في انتظار محفز جديد.
السيناريو الهبوطي: الفيدرالي يبعث رسائل متشددة أو تأتي بيانات التضخم أعلى من التوقعات (السعر يتراجع إلى ما دون 114 ألفًا وقد ينزلق نحو 110 آلاف دولار أو أقل).
ماذا يعني ذلك للمتداولين والمستثمرين؟
المتداولون قصيرو الأجل: عليهم الاستعداد لزيادة حادة في التقلبات مع إعلان الفيدرالي، حيث يمكن أن تتحرك الأسعار بسرعة كبيرة في كلا الاتجاهين.
المستثمرون على المدى الطويل: يفضلون الانتظار لرؤية اتجاه واضح قبل اتخاذ قرارات كبرى، فالمرحلة الحالية لا تزال مرحلة "ترقب".
إدارة المخاطر: تبقى ضرورية أكثر من أي وقت مضى، سواء من خلال متابعة تدفقات صناديق المؤشرات أو مراقبة أسواق الخيارات للتحوط من الخسائر.
خاتمة
يمكن القول إن البيتكوين الآن في وضع الانتظار. فهي ليست في حالة اندفاع نحو قمم جديدة ولا في مسار هبوطي حاد، بل عالقة في نطاق ضيق، تترقب إشارة واضحة من الفيدرالي الأمريكي.
النتيجة النهائية ستعتمد بشكل كبير على كلمات جيروم باول وقرار سعر الفائدة. فإذا جاء التوجه نحو التيسير، قد نشهد انفجارًا صعوديًا جديدًا. أما إذا طغت النبرة المتشددة، فقد يتراجع السعر إلى مستويات أدنى.
إلى أن يحين موعد القرار، تبقى البيتكوين مرآة دقيقة لحالة الترقب والقلق التي تعيشها الأسواق العالمية.