البيتكوين والإيثريوم يتراجعان مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين

ومضة الاقتصادي

 

بعد أسابيع من الزخم الصعودي، تعثرت سوق العملات المشفّرة إثر تجدّد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما تسبب في موجة بيع واسعة للأصول عالية المخاطر. تراجع البيتكوين بنسبة تتراوح بين 2 و3% خلال اليوم، ليقترب مؤقتًا من مستوى 110,000 دولار، في حين انخفض الإيثريوم بنحو 3.7%، وتكبدت العملات البديلة خسائر أكبر.

وجاءت الموجة عقب إجراءات جمركية جديدة وإجراءات مضادة بين واشنطن وبكين، ما انعكس على كل من الأسواق التقليدية والرقمية، مؤكّدًا أن سوق العملات المشفّرة لا تزال شديدة الحساسية للتطورات الاقتصادية الكلية العالمية.

المخاطر الكلية تضرب الكريبتو من جديد

يعكس هذا التراجع تحولًا أوسع نحو تجنب المخاطر مع سعي المستثمرين إلى الملاذات الآمنة وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية. ورغم أن الكريبتو كان يُروّج له في السابق كأداة تحوّط ضد تقلبات الأسواق التقليدية، فإن الأنماط الحديثة تُظهر أنه ما زال مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بشهية المخاطرة العامة، خصوصًا في أوقات الاضطراب العالمي.

كما أدت المراكز ذات الرافعة المالية العالية عبر البورصات الكبرى إلى تفاقم الانخفاضات؛ إذ تسببت نداءات الهامش (Margin Calls) والتصفية الإجبارية في دوامة هبوط حادة وسريعة.

لماذا هذا مهم؟

تؤكد هذه التطورات ثلاث حقائق تشكل ملامح بيئة تداول الكريبتو الحالية:

الاعتماد على العوامل الكلية: لا يزال يُنظر إلى البيتكوين والإيثريوم كأصول عالية الحساسية للسيولة — تزدهر في فترات الوفرة، وتتراجع عند تصاعد الغموض.

حساسية الرافعة المالية: أسواق المشتقات العميقة في الكريبتو تضاعف التقلبات، مما يحول التراجعات البسيطة إلى سلسلة من الانهيارات المتتابعة.

حذر المستثمرين: الانتعاش الأخير في الأصول الرقمية بُني على ثقة هشة قد تتبخر سريعًا عند أي صدمة خارجية.

بمعنى آخر، نضوج سوق الكريبتو لم يجعلها محصّنة من الصدمات العالمية — بل جعل استجابتها أسرع.

نقاط الضعف الهيكلية المكشوفة

على الرغم من بقاء الأساسيات طويلة الأجل قوية، فقد كشف الهبوط الأخير عن ثغرات مستمرة في بنية السوق:

الرافعة الزائدة: ارتفعت معدلات التمويل والفائدة المفتوحة تدريجيًا في الأشهر الماضية، مما جعل المتداولين مكشوفين أكثر من اللازم.

فجوات السيولة: ضعف عمق دفاتر الأوامر خلال فترات التقلب الحاد يؤدي إلى انزلاقات سعرية أكبر، خاصة في العملات الصغيرة.

مخاطر البورصات: تم اختبار آليات التصفية التلقائية وأنظمة إدارة المخاطر مجددًا تحت الضغط.

هذه العوامل مجتمعة تسلط الضوء على حاجة القطاع إلى أطر أكثر صرامة لإدارة المخاطر وشفافية أكبر، خصوصًا مع توسع مشاركة المؤسسات.

الانعكاسات على الأطراف المعنية

للمتداولين: يُتوقع استمرار التقلبات وارتفاع تكلفة التمويل. المتداولون قصيرو الأجل قد يقلصون تعرضهم أو يتحولون إلى العملات المستقرة للحفاظ على رأس المال.

للبورصات: سيزيد الضغط على المنصات لمراجعة أنظمة الهامش وحدود الضمان وآليات التصفية.

للمؤسسات: من المرجح أن تقلص صناديق التحوط ومديرو الأصول الرافعة المالية أو يعززون التحوط حتى تتضح الرؤية الكلية.

أما المستثمرون الأفراد، فهذه التراجعات تذكير بأن الفرص العالية في الكريبتو تأتي دومًا مصحوبة بمخاطر مرتفعة — كثير منها نابع من عوامل لا علاقة لها بالبلوكتشين.

ما الذي يجب مراقبته لاحقًا؟

مستويات الدعم: راقب مستوى 100,000 دولار للبيتكوين و5,000 دولار للإيثريوم كمستويات نفسية وتقنية مهمة.

الإشارات السياسية: أي تصعيد أو تهدئة في الخطاب التجاري بين واشنطن وبكين سيؤثر مباشرة على معنويات السوق.

مؤشرات السوق: راقب بيانات الفائدة المفتوحة، وأحجام التصفية، وتغيرات معدلات التمويل لرصد إشارات الاستقرار أو استمرار الضغط.

الخلاصة

الهبوط الأخير في سوق العملات المشفرة تذكير واضح بأن الأصول الرقمية — رغم طبيعتها اللامركزية وابتكارها — لا تزال مرتبطة بشدة بدورات المخاطر العالمية. ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية، ستُقاس مرونة الكريبتو ليس بسعره في أوقات الهدوء، بل بقدرته على الصمود خلال العواصف التي تختبر كل فئة من الأصول.

تم نسخ الرابط