الأسواق الأميركية تتعرض لضربة قوية بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الصين

ومضة الاقتصادي

الأسواق الأميركية تتعرض لضربة قوية بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الصين

شهدت الأسواق الأميركية تراجعًا حادًا يوم الجمعة بعد أن لوّح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على الواردات الصينية، ما أثار موجة من القلق في أوساط المستثمرين وأعاد إلى الأذهان ذكريات الحرب التجارية التي هزّت الاقتصاد العالمي قبل سنوات.

فقد انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة تقارب 2.7%، في حين تراجع مؤشر ناسداك بنحو 3.5%، وهبط مؤشر داو جونز الصناعي بما يقارب 1.9%، لتسجل البورصات الأميركية أسوأ أداء أسبوعي منذ مطلع العام.

تأتي تصريحات ترامب وسط تصاعد التوترات الاقتصادية بين واشنطن وبكين، بعد أن اتهم الإدارة الحالية بالتساهل مع الصين، متعهدًا بإعادة فرض “الانضباط التجاري” في حال عودته إلى البيت الأبيض. وقال ترامب في تجمع انتخابي بولاية أوهايو: “لن نسمح للصين بمواصلة سرقة وظائفنا وصناعتنا، سنفرض رسومًا بنسبة 100% على كل ما يدخل من هناك إذا لزم الأمر.”

هذه التصريحات تسببت في اضطراب واسع بأسواق الأسهم والعملات، حيث سارع المستثمرون إلى التخلص من الأصول عالية المخاطر، بينما ارتفع الإقبال على الذهب وسندات الخزانة الأميركية كملاذات آمنة. كما ارتفع مؤشر التقلبات “VIX” إلى أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر، في إشارة إلى تصاعد حالة القلق بين المستثمرين.

ويرى محللون أن هذا التراجع يعكس مخاوف من اندلاع حرب تجارية جديدة قد تهدد سلاسل الإمداد العالمية وتزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال تؤرق البنوك المركزية. وقالت الخبيرة الاقتصادية لدى بنك “مورغان ستانلي” إليزابيث وارنر إن “أي تصعيد تجاري مع الصين قد يضيف ما بين 0.5 إلى 0.8 نقطة مئوية إلى معدلات التضخم الأميركية خلال عام واحد، وهو ما سيجبر الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.”

أما في الصين، فقد ردّت وسائل الإعلام الرسمية بانتقادات حادة، معتبرة أن تهديدات ترامب “غير مسؤولة” وتهدف إلى كسب أصوات انتخابية على حساب الاستقرار الاقتصادي العالمي. وأشارت صحيفة “تشاينا ديلي” إلى أن “استخدام الرسوم الجمركية كسلاح سياسي لن يؤدي إلا إلى إضعاف الاقتصاد الأميركي نفسه”.

وفي ظل هذه التطورات، شهدت أسهم الشركات ذات الارتباط الكبير بالسوق الصينية، مثل تسلا وأبل ونVIDIA، تراجعًا حادًا تجاوز 4%، نظرًا لاعتمادها الكبير على التصنيع أو المبيعات في الصين. كما تأثرت أسهم شركات الشحن والطاقة سلبًا مع توقعات بانخفاض حركة التجارة العالمية.

ويرى بعض المحللين أن السوق الأميركية قد تواجه فترة من التقلبات الحادة في الأسابيع المقبلة، خاصة إذا تحولت التصريحات السياسية إلى خطوات تنفيذية فعلية. وقال كبير المحللين في “بلومبرغ إنتيليجنس” إن “المستثمرين بدأوا بالفعل بتسعير احتمالية نشوب حرب تجارية ثانية، وهو سيناريو قد يدفع الاقتصاد الأميركي نحو التباطؤ في النصف الأول من العام المقبل.”

من جهة أخرى، يحاول البيت الأبيض طمأنة الأسواق، حيث صرّح مسؤول في وزارة الخزانة أن “الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على استقرار النظام التجاري العالمي والعمل مع الشركاء لتفادي أي تصعيد غير ضروري”.

ومع ذلك، يبقى القلق مسيطرًا على أجواء وول ستريت، خاصة في ظل قرب موسم إعلان أرباح الشركات الكبرى، والذي قد يعكس مدى تأثر الشركات بالتقلبات الأخيرة في التجارة العالمية وسعر الدولار.

باختصار، تهديدات ترامب أعادت إلى السطح سيناريوهات الحرب التجارية التي كانت قد أضعفت الأسواق في السابق، وأشعلت المخاوف من عودة السياسات الحمائية التي قد تُربك الاقتصاد العالمي من جديد.

تم نسخ الرابط