خفض توقعات نمو اقتصاد المملكة المتحدة لعام 2026 مع تدهور آفاق التوظيف: وانهيار صفقة بنية تحتية يربك الأسواق
خفض توقعات نمو اقتصاد المملكة المتحدة لعام 2026 مع تدهور آفاق التوظيف: وانهيار صفقة بنية تحتية يربك الأسواق
دخل الاقتصاد البريطاني مرحلة جديدة من الضبابية بعدما جرى خفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2026 إلى نحو 1.0% فقط، مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 1.4% لعام 2025. وفي الوقت نفسه، يُتوقع أن ترتفع معدلات البطالة إلى 5.2%، بينما قد يتراجع نمو الأجور باتجاه 3%، في إشارة واضحة إلى أن سوق العمل البريطاني يواجه تحديات هيكلية تتجاوز الدورة الاقتصادية قصيرة الأجل.
جاءت هذه التوقعات في وقت حساس، بالتزامن مع انهيار صفقة ضخمة في قطاع البنية التحتية، حيث رفض المستثمرون الاندماج المخطط بين صندوق HICL Infrastructure وصندوق Renewables Infrastructure Group بقيمة 5.3 مليارات جنيه إسترليني، ما أدى إلى إفشال الصفقة بالكامل. وتسبب ذلك في موجة قلق في الأسواق البريطانية، خاصةً في ظل هشاشة بيئة الاستثمار وتزايد الشكوك حول مدى قابلية تمويل مشروعات البنية التحتية مستقبلاً.
لماذا تراجعت توقعات النمو؟
تواجه المملكة المتحدة عِدة مسارات متعارضة تجعل من الصعب على اقتصادها العودة إلى مستويات نمو قوية في المدى القريب. يمكن تلخيص العوامل الأساسية في أربع نقاط رئيسية:
ضعف الطلب الاستهلاكي:
ارتفاع الأسعار خلال العامين الماضيين ضغط على قدرة الأسر البريطانية الشرائية، ومع دخول أسعار الفائدة المرتفعة حيزاً فعلياً في القروض العقارية والاستهلاكية، باتت الأسر أكثر ميلاً للادخار وتقليل الإنفاق.
تباطؤ سوق العمل وزيادة الأتمتة:
يتعرض سوق العمل لضغوط مزدوجة تباطؤ في التوظيف وتزايد اعتماد الشركات على الأتمتة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يقلص فرص العمل ويضعف نمو الأجور.
ضغوط الأجور والتكاليف على الشركات:
رغم تباطؤ نمو الأجور، لا تزال الشركات تعاني من ارتفاع تكاليف التشغيل والطاقة، ما يؤثر على قدرتها الاستثمارية.
هيمنة حالة عدم اليقين الهيكلي:
استمرار التحديات المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وضعف الإنتاجية، وتراجع كفاءة شبكات البنية التحتية يثقل كاهل النمو المتوقع.
انهيار صفقة البنية التحتية… ماذا يعني ذلك؟
كان يفترض أن يشكل الاندماج بين صندوقي HICL وTRIG واحدة من أكبر عمليات توحيد القوة في قطاع البنية التحتية المستدامة في المملكة المتحدة. إلا أن رفض المستثمرين جاء بمثابة رسالة واضحة: الأسواق غير مقتنعة بالقيمة المطروحة، وربما ترى أن الصفقة تتضمن سعراً مبالغاً فيه أو لا تقدم تكاملاً استراتيجياً حقيقياً.
انهيار الصفقة يطرح عدة دلالات مهمة:
انخفاض الشهية نحو صفقات الدمج والاستحواذ في قطاع البنية التحتية.
شكوك حول قدرة الشركات على تمويل مشروعات طويلة الأجل في ظل أسعار الفائدة المرتفعة.
احتمال تراجع تدفقات رؤوس الأموال إلى قطاعات تعتمد بشدة على التمويل المؤسسي.
مخاوف من تباطؤ الاستثمار في الطاقة المتجددة والبنية التحتية الخضراء، وهي قطاعات تعد أساسية لاستراتيجية المملكة المتحدة طويلة الأجل.
هذا التطور أعاد طرح الأسئلة حول مدى قدرة الحكومة على جذب الاستثمارات الخاصة الضرورية لتحقيق خططها التنموية، في وقت تواجه فيه المالية العامة ضغوطاً متزايدة.