الاقتصاد العالمي على الحافة: تعافٍ يعرج نحو نهاية العام وسط رياح معاكسة جيوسياسية وهيكلية
الاقتصاد العالمي على الحافة: تعافٍ يعرج نحو نهاية العام وسط رياح معاكسة جيوسياسية وهيكلية
مع اقتراب العام من نهايته، تبدو صورة الاقتصاد العالمي أشبه بمتسابق يحاول إنهاء السباق وهو يعرج يمضي للأمام، نعم، لكنه من الواضح يعاني من إرهاق عميق، وضغوط متراكمة، وبيئة مليئة بالتوترات التي تعيق تقدّمه. التقارير الأخيرة ترسم مشهداً عالمياً مثقلاً بتشابك من العوامل: توترات تجارية متجددة، اضطرابات جيوسياسية، تحولات هيكلية في سلاسل التوريد، وتفاوت كبير في سياسات الدول الكبرى. أي أمل في “تعافٍ منسّق” يبدو اليوم أبعد من أي وقت مضى.
ورغم وجود جيوب من القوة في بعض الاقتصادات إلا أن الصورة الكلية لا تزال ضعيفة. فالمستهلكون أقل تفاؤلاً، والاستثمار الرأسمالي متواضع في عدة مناطق، والشركات مترددة في التوسع بسبب ضبابية المشهد المستقبلي.
قيود تصديرية وسياسات متباينة… ومستهلك أقل إقبالاً
من أهم المحركات التي تضغط على الاقتصاد العالمي حالياً هي القيود على الصادرات، سواء المتعلقة بالتكنولوجيا المتقدمة أو المواد الحيوية لسلاسل التصنيع. هذه القيود، التي تتخذها قوى اقتصادية كبرى، تؤثر بشكل مباشر على سلاسل القيمة العالمية وتجعل من التخطيط الاستراتيجي تحدياً يومياً للشركات.
في الوقت ذاته، نرى تبايناً شديداً في السياسات الاقتصادية والنقدية بين الدول الكبرى. بعض الحكومات تتبنّى سياسات توسعية لتحفيز الطلب، بينما تلجأ أخرى إلى التشديد المالي لاحتواء التضخم. هذا التفاوت يخلق حالة من عدم الاتساق في البيئة التجارية العالمية، ويصعّب على المستثمرين والشركات تقييم الاتجاه العام.
أما المستهلكون، الذين يشكلون العمود الفقري لأي اقتصاد، فيظهرون ميولاً أكثر حذراً. مستويات الثقة تراجعت في عدد من الاقتصادات القائمة على التصدير، بينما انخفضت شهية المستهلكين للإنفاق على السلع غير الضرورية. وفي الشركات، تباطؤ الإنفاق الرأسمالي أصبح سمة رئيسية، نتيجة مزيج من ارتفاع التكاليف والضبابية المستمرة.
ما المخاطر التي تنتظرنا؟
الصورة المستقبلية لا تخلو من المخاطر بعضها واضح، وبعضها الآخر قد يفاجئ الأسواق.
1. تباطؤ النمو وربما انكماش في الاقتصادات المعتمدة على التجارة
الدول التي تعتمد بقوة على التصدير، خاصة في آسيا وأوروبا، قد تجد نفسها أمام تباطؤ كبير إن استمرت القيود التجارية أو تصاعدت الحروب الاقتصادية.
2. دورات طلب متقلبة وغير قابلة للتنبؤ
أسواق السلع، التكنولوجيا، وحتى المنتجات الاستهلاكية تواجه دورات طلب متأرجحة. هذا يجعل التخطيط للإنتاج والمخزون أكثر صعوبة، ويرفع احتمال حدوث فائض أو نقص في سلاسل التوريد.