هدوء أسهم الأسواق الناشئة وسط الاضطرابات العالمية: نافذة قيمة محتملة إذا استقرت التدفقات
هدوء أسهم الأسواق الناشئة وسط الاضطرابات العالمية: نافذة قيمة محتملة إذا استقرت التدفقات
في عامٍ اتّسم بالتقلّبات، وتبدّل توقعات أسعار الفائدة، وتزايد الضغوط الجيوسياسية، ظلّ جانب واحد من المشهد المالي العالمي هادئًا على نحوٍ مفاجئ: أسهم الأسواق الناشئة. ففي الوقت الذي شهدت فيه أسواق الولايات المتحدة وأوروبا تقلبات حادة بفعل عدم اليقين الاقتصادي وصدَمات القطاع المالي، قدّمت المؤشرات في العديد من اقتصادات الأسواق الناشئة درجة لافتة من الاستقرار بل وأحيانًا، مؤشرات مغرية من حيث القيمة.
هذا التباين لم يمر مرور الكرام. فمديرو المحافظ الذين أمضوا العامين الماضيين في زيادة الوزن الاستثماري لأسهم التكنولوجيا والقطاعات الدفاعية في الدول المتقدمة باتوا يطرحون سؤالًا جديدًا:
هل هذه أخيرًا نافذة مناسبة للانتقال إلى أسهم الأسواق الناشئة؟ أم أنه مجرد هدوء يسبق عاصفة حتمية؟
قد تكمن الإجابة في مسار التدفقات الرأسمالية، والظروف الاقتصادية، وديناميكيات النمو المتغيرة عبر آسيا وأمريكا اللاتينية وأجزاء من أوروبا الشرقية وأفريقيا.
سطح هادئ… واضطراب عالمي من تحته
خلال الأشهر الأخيرة، سحبت الصناديق العالمية رؤوس أموال كبيرة من أسهم الولايات المتحدة وأوروبا. إذ أدت المخاوف من التضخم العنيد، وتفاوت سياسات البنوك المركزية، والضغوط على القطاع المالي إلى دفع المستثمرين نحو الأصول الدفاعية مثل الذهب والسندات عالية الجودة.
ومع ذلك، لم تعكس الأسواق الناشئة هذا الاضطراب. فقد أظهرت مؤشرات الأسهم في دول مثل الهند والبرازيل وإندونيسيا والمكسيك مستويات تقلب منخفضة نسبيًا. وحتى الصين رغم التحديات الهيكلية المستمرة شهدت بعض نقاط القوة بفضل سياسات دعم انتقائية.
وعلى عكس إعادة التسعير الحادة في الأسواق المتقدمة، تتحرك أسهم الأسواق الناشئة ضمن نطاقات أضيق، مدعومة بتوقعات أرباح أفضل في عدة قطاعات، واستقرار الطلب المحلي، وجاذبية التقييمات.
لماذا تبدو أسهم الأسواق الناشئة مقوّمة بأقل من قيمتها؟
أحد المحركات الرئيسة لعودة الاهتمام بالأسواق الناشئة هو التقييم الجذاب. فبعد سنوات من الأداء الضعيف مقارنةً بالولايات المتحدة، تتداول الأسهم الناشئة بخصومات كبيرة على مؤشرات السعر إلى الربحية والسعر إلى القيمة الدفترية.
وتتعدد الأسباب وراء ذلك:
المبالغة في تقييم أسهم الأسواق المتقدمة، وخاصة شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة، يجعل البدائل الناشئة أكثر جاذبية.
اقتصادات السلع الأساسية في أمريكا اللاتينية تستفيد من استقرار أسعار صادراتها.
تحسن الأوضاع المالية في أجزاء من آسيا والشرق الأوسط يقلل مخاطر الديون السيادية.
انتعاش الطلب الاستهلاكي في عدة دول ناشئة يدعم زخم الأرباح.
يدرك المستثمرون بشكل متزايد أنه رغم المخاطر الهيكلية، توفر الأسواق الناشئة فرص نمو يصعب العثور عليها في أماكن أخرى.