تدفّقات رؤوس الأموال المدعومة بالذهب تتصاعد مع إعادة الأسواق تقييم مسار أسعار الفائدة: هل يتحوّل الملاذ الآمن إلى إجماع؟
هل يتحول الذهب إلى ملاذ آمن بالإجماع؟
الجديد ليس في ارتفاع الذهب نفسه، بل في اتساع قاعدة المستثمرين الذين يتجهون إليه.
ففي الماضي، كانت تدفّقات الذهب ترتفع خلال الأزمات الكبرى، لكن تدفقات 2025 تبدو مختلفة: إنها منتظمة، مؤسسية، واستراتيجية.
وهناك أسباب تجعل الذهب مرشحاً ليصبح "إجماعاً استثمارياً":
دورة أسعار الفائدة العالمية تتجه للانخفاض.
العجوزات المالية المتزايدة في الاقتصادات المتقدمة تثير تساؤلات حول قوة العملات على المدى الطويل.
تصاعد التوترات الجيوسياسية يعزز الحاجة إلى أصول محايدة سياسياً.
تقلبات الأصول الرقمية تجعل الذهب يظهر أكثر استقراراً مقارنة بالبدائل الحديثة.
هذا لا يعني أن الذهب بلا مخاطر، لكنه أصبح "الخيار الوسط" في عالم تتسم فيه السياسات والتقييمات والتحولات الاقتصادية بالكثير من التطرف.
التدفقات الاستثمارية تكشف تغيّراً في السلوك
إلى جانب ارتفاع الأسعار، تشير بيانات التدفقات إلى واقع جديد:
صناديق الذهب المتداولة تُسجّل مشتريات صافية لأشهر متتالية؛ النشاط في خيارات الذهب يرتفع؛ وأسهم شركات التعدين تستعيد اهتمام المستثمرين بعد سنوات من الإهمال.
بل إن بعض المستثمرين الذين كانوا يعتبرون الذهب "أصلاً قديماً" بدأوا ينظرون إليه كجزء أساسي من محافظهم، وليس كتحوّط مؤقت.
ما الذي قد يغيّر الصورة؟
رغم قوة الاتجاه، يمكن لعوامل عدة إعادة رسم المشهد:
ارتفاع مفاجئ في التضخم قد يدفع البنوك المركزية للإبقاء على الفائدة المرتفعة.
انتعاش قوي في الأسهم قد يجذب رؤوس الأموال بعيداً عن الذهب.
تحسن مالي غير متوقع في الدول الكبرى قد يقوي العملات الرئيسية.
لكن في اللحظة الراهنة، تميل المخاطر لصالح الذهب.
الخلاصة
قصة الذهب في 2025 ليست قصة خوف، بل قصة إعادة تسعير عالمية.
المستثمرون لا يهربون من المخاطر، بل يعيدون بناء محافظهم بما يتناسب مع عالم يضم مزيجاً معقداً من التيسير النقدي والتوتر الجيوسياسي والتقلب الاقتصادي.
الذهب، بتاريخ يمتد لآلاف السنين، يثبت مجدداً أنه الأصل الذي يلجأ إليه المستثمرون عندما تتداخل العوامل وتزيد الضبابية.
السؤال الآن لم يعد: "هل عاد الذهب؟"
بل: "هل غادر أصلاً؟"