تدفّقات رؤوس الأموال المدعومة بالذهب تتصاعد مع إعادة الأسواق تقييم مسار أسعار الفائدة: هل يتحوّل الملاذ الآمن إلى إجماع؟

ومضة الاقتصادي

تدفّقات رؤوس الأموال المدعومة بالذهب تتصاعد مع إعادة الأسواق تقييم مسار أسعار الفائدة — هل يتحوّل الملاذ الآمن إلى إجماع؟

على مدى العقد الماضي، شغل الذهب دوراً تقليدياً في الأسواق العالمية: ملاذ آمن يمكن الاعتماد عليه، لكنه بقي في الظل أمام طفرة الأسهم، وسياسات التيسير النقدي الواسعة، والصعود السريع للأصول الرقمية. لكن عام 2025 يرسم مشهداً مختلفاً حيث يعود الذهب ليصبح ليس مجرد وسيلة تحوّط، بل أصلاً مركزياً يعيد المستثمرون بناء استراتيجياتهم الكلية حوله.

عدد متزايد من مديري الصناديق ومسؤولي المخاطر والمستشارين الماليين يشير اليوم إلى تحول واضح في تدفّقات رؤوس الأموال: الأموال تعود إلى الذهب بوتيرة لم تُشهد منذ فترة الجائحة. وهذه المرة، الدافع ليس الذعر أو الصدمات الكبرى، بل إعادة تقييم لمسار أسعار الفائدة في الاقتصادات الرئيسية.

سوق تعيد تسعير المستقبل

الشرارة الأولى لهذا الصعود كانت تغيّر نظرة المستثمرين لآفاق أسعار الفائدة. فبعد عامين من التشديد النقدي الحاد في الولايات المتحدة وأوروبا وأجزاء من آسيا، لم يعد المستثمرون مقتنعين بأن البنوك المركزية ستستمر في سياستها المتشددة طويلاً. التضخم هدأ في بعض المناطق، ونمو الأجور استقر، ومؤشرات النشاط الاقتصادي تشير إلى تباطؤ تدريجي وإن كان غير حاد.

الأسواق بدأت بالفعل في تسعير خفض للفائدة في وقت أبكر مما كان متوقعاً. وهذا يُعد أمراً بالغ الأهمية للذهب، فهو لا يقدّم عائداً، ولذلك تتراجع جاذبيته حين تكون الفائدة مرتفعة. ولكن عندما تبلغ أسعار الفائدة ذروتها أو تظهر إشارات واضحة على اقتراب خفضها يصبح الذهب أكثر تنافسية.

هذا ما نراه حالياً: أسعار الذهب ترتفع إلى أعلى مستوياتها منذ أشهر، وصناديق الاستثمار المرتبطة بالذهب وقطاع التعدين تشهد تدفقاً جديداً لرأس المال، كما أن الطلب على صناديق الذهب المتداولة (ETFs) عاد إلى النمو بعد فترة من الركود في 2023 و2024.

إعادة تموضع شامل في المشهد الكلي

التحوّل نحو الذهب ليس نتيجة أسعار الفائدة فقط، بل يعكس حالة عدم يقين أوسع:

تقلبات الأسهم ارتفعت بسبب تباين الأرباح وتصاعد التوترات الجيوسياسية.

أسواق الائتمان تبدو أكثر حساسية مع تزايد المخاطر المرتبطة بالديون وإعادة التمويل.

أسواق السلع لا تزال رهينة تباطؤ النمو العالمي.

في مثل هذه البيئة، يبحث المستثمرون عن أصول تجمع بين الاستقرار والحماية من المخاطر المحتملة وهو ما يوفره الذهب بشكل واضح.

إضافة إلى ذلك، فإن الطلب ليس استثمارياً فقط؛ فالبنوك المركزية حول العالم خصوصاً في الاقتصادات الناشئة تواصل شراء الذهب بكميات كبيرة، سعياً لتنويع احتياطاتها وتقليل الاعتماد على الدولار.

تم نسخ الرابط