تباين التضخُّم: ارتفاع الأسعار في ألمانيا مجدداً بينما لا تزال طوكيو تسجّل تضخّماً أساسياً فوق 2٪
• معدلات الأجور والتضخّم “الأساسي”
إذا ارتفعت الأجور في ألمانيا دفعة واحدة، فقد يؤدي ذلك إلى دوامة تضخمية جديدة تضغط على المستهلكين والشركات.
في اليابان، رغم تضخّم المستوردات، إلا أن الأجور ما زالت بطيئة النمو، ما يقلل من أثر التضخُّم على القوة الشرائية العامة لـ المستهلك إلا أن ارتفاع أسعار الغذاء يضغط على الشرائح الضعيفة.
التداعيات السياسية والاقتصادية
• على السياسات النقدية
في أوروبا، من المرجّح أن European Central Bank (ECB) يبقي على موقف حذر: فهو يرى أن الأسعار لم تنخفض إلى مستويات مريحة بما يكفي لتبرير خفض فوري للفائدة، خصوصاً مع تباين التضخم بين الدول. أي خفض مفاجئ يمكن أن يؤدي إلى موجة جديدة من الطلب المتزايد والرفع من الأسعار.
أما في اليابان، فـ Bank of Japan (BOJ) قد يجد نفسه في مأزق: التضخّم عالي، لكن ضعف الاستهلاك الداخلي والنمو الاقتصادي البطيء يجعله يتردد في رفع الفائدة، خاصة أنه لا يريد أن يجهد الشركات والمواطنين أكثر.
• على المستثمرين والأسواق المالية
تباين التضخُّم بين أوروبا واليابان يعني أن الأصول الأوروبية قد تجذب المستثمرين الباحثين عن عوائد ثابتة في بيئة تضخم معتدل. أما الأسهم اليابانية، فقد تعاني من ضغط مستمر إذا بقي الاستهلاك ضعيفاً.
كما أن فرق سعر الفائدة بين اليورو والين قد يتذبذب، مما يؤثر على صفقات التحوط، الصادرات، وتنافسية الصادرات اليابانية مقابل الأوروبية.
• على الشركات والمستهلكين
المستهلك الألماني قد يشعر بثقل الأسعار في الخدمات والسلع الاستهلاكية، ما يضغط على القدرة الشرائية وربما ينعكس على استهلاك الأغذية والرفاهية.
الشركات الأوروبية التي تعتمد على استيراد مواد أولية قد تجد أن تكاليفها مستوية نسبياً إذا استقرت أسعار الصرف، لكنها عليها أن تراقب الأجور والتكاليف المحلية بعناية.
في اليابان، المستوردون يواجهون تكاليف أعلى. وعلى الشركات التي تعتمد على استيراد أن تبحث عن بدائل محلية أو ضبط أسعارها بعناية.
ماذا يجب متابعته في الأشهر المقبلة؟
قراءة التضخم الجديدة في ألمانيا وحول أوروبا: هل سيستمر الصعود في أسعار الخدمات أم أن هناك تباطؤاً؟
بيانات الأجور والخدمات في ألمانيا: ارتفاع الأجور يمكن أن يُشعل دورة تضخمية جديدة.
سعر الصرف الين/الدولار (أو مقابل اليورو): أي ضعف إضافي للين سيزيد من تكلفة الاستيراد في اليابان.
قرارات البنوك المركزية: خطابات وتصريحات مسؤولي ECB وBOJ قد تمنح مؤشّرات واضحة حول اتجاه السياسة النقدية.
خلاصة: بيئة نقدية مزدوجة تحتاج إلى ضبط دقيق
إن التباين في التضخُّم بين ألمانيا وطوكيو يُظهر أن الاقتصاد العالمي لم يعد يمضي في اتجاه موحّد. فبينما تضغط العوامل المحلية في أوروبا لإبقاء التشديد النقدي مغلقاً، تدفع العوامل الخارجية والضعف الداخلي في اليابان إلى مناخ من الترقّب والحذر.
بالنسبة للمستثمر العادي أو المدير التنفيذي في شركة متعددة الجنسيات، هذا يعني أن إدارة المخاطر لم تعد تفصلها مؤشرات عامة، بل أصبحت تتطلب متابعة دقيقة للاقتصاد المحلي، أسعار المنافع، صرف العملات الأجنبية، وتوقعات البنوك المركزية.
في نهاية المطاف، قد يكون هذا التباين فرصة لمن يقرأ الاتجاهات بدقة ويستثمر بحذر لكن أيضاً إنذار لمن يعتمد على فرضيات موحدة. الأسواق الآن أكثر حساسية للتفاصيل من أي وقت مضى.