تباين التضخُّم: ارتفاع الأسعار في ألمانيا مجدداً بينما لا تزال طوكيو تسجّل تضخّماً أساسياً فوق 2٪
تباين التضخُّم: ارتفاع الأسعار في ألمانيا مجدداً بينما لا تزال طوكيو تسجّل تضخّماً أساسياً فوق 2٪
تشهد اقتصادات ألمانيا واليابان مسارات تضخّمية متباينة خلال نوفمبر: ففي حين تؤشّر البيانات الألمانية إلى تسارع الأسعار مجدداً، تستمر العاصمة اليابانية طوكيو بتسجيل تضخُّم أساسي يُبقي عند مستوى مرتفع نسبياً. هذا التباين في الاتجاهات لا يعكس فقط اختلاف الأوضاع المحلية، بل يسلّط الضوء على بيئة نقدية ومالية متعددة الأوجه ما يجعل لأي مستثمِر أو صانع قرار تأملات خارج الإطار التقليدي.
ألمانيا: تسارع جديد في أسعار السلع والخدمات
أظهرت البيانات الأخيرة أن معدل التضخُّم الموحّد (HICP) في ألمانيا ارتفع إلى 2.6% على أساس سنوي في نوفمبر، مقارنة بـ 2.3% في أكتوبر، وتجاوز تقديرات السوق التي توقعتها عند نحو 2.4%. هذا التسارع جاء نتيجة مزيج من ضغوط على أسعار الخدمات بالإضافة إلى بعض السلع.
ارتفاع تكاليف الخدمات يعكس تبعات تكاليف تشغيل أعلى، أجور متزايدة، وربما تكاليف طاقة أو توريد مرتفعة في قطاعات بعينها. كما أن بعض السلع شهدت أيضاً تضخّماً مما يشي بأن الاقتصاد الألماني ما زال يواجه ضغوط عرض وطلب معا، رغم أن الأوضاع العامة في أوروبا لا تزال هادئة نسبياً.
من زاوية المستهلكين والشركات، هذا يعني أن الميزانيات العائلية ربما تشعر بضغط أكبر، وأن تكاليف التمويل والاستثمارات تتطلب إعادة تقييم.
طوكيو – اليابان: تضخّم أساسي مرتفع رغم كل شيء
على الجانب الآخر من العالم، كانت طوكيو تسجّل تضخّماً أساسيّاً (دون أسعار الغذاء الطازجة) بـ 2.8% على أساس سنوي. كما أن مكوّن “core-core” سجل نفس النسبة تقريباً. هذا المستوى يُعتبر أعلى بكثير من هدف التضخُّم التقليدي البالغ نحو 2%.
وعزت بيانات رسمية ذلك إلى زيادات كبيرة في أسعار المواد الغذائية: الأرز ارتفع بنسبة نحو 38.5%، والقهوة بمقدار 63.4% ما يعكس ضغوط مستوردة بفعل ضعف الين، وتكاليف استيراد أغذية وعناصر استهلاكية أخرى.
النتيجة أن المستهلك الياباني بات يواجه أسعاراً أعلى بشكل ملموس، بينما المسؤولون في البنك المركزي الياباني يجدون أنفسهم أمام معضلة: هل يستمرون في سياسة نقدية مرنة لدعم النمو والإنفاق؟ أم يتخذون خطوة نحو التشديد لمواجهة التضخُّم؟
لماذا هذا التباين؟ جذور اقتصادية ونقدية مختلفة
• الضغوط المحلية تختلف
في ألمانيا، التضخُّم ناتج في جزء كبير منه من خدمات وسلع محلية ما يعني أن الطلب المحلي لا يزال نشطاً، وأن هناك انخفاضاً في بعض ضغوط العرض، لكن مع وجود تكاليف تشغيل وأجور تؤثر على المنتج النهائي.
في طوكيو، الجزء الأكبر من التضخم يأتي من الاستيراد الغذائي والسلع المستوردة. ضعف الين يعني أن المستورد يدفع أكثر بعملته المحلية لتحويل أسعار دولية، فينعكس ذلك على أسعار المستهلك.
• سياسات نقدية مختلفة وتوقعات متباينة
في أوروبا، خاصة ألمانيا، يبدو أن أسعار الفائدة وأسعار الائتمان ما تزال بحالة شبه “مقيدة” ليس من المتوقع خفض سريع، لأن أسعار الخدمات والسلع تُظهر مرونة في الصعود.
في اليابان، رغم التضخّم المرتفع، ضعف الطلب المحلي وضعف الاستهلاك قد يدفع الجهات النقدية للتريّث. لذا، البنك المركزي قد يتردد في رفع الفائدة خشية تراجع النمو.